السؤال:
هل يجوز اللعبُ بالدومينو والشطرنج والدامَّة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فلا خِلافَ في حُرْمةِ الدامَّة والدومينو والشطرنج إذا كان اللعبُ بها بعوضٍ ماليٍّ، أو تَرتَّبَ عليها تركُ واجبٍ تُجاهَ ربِّه كتأخير الصلاة عن وقتها، أو تُجاهَ غيره ممَّا تَتوقَّفُ عليه مصالحُ عيالِه وذويه، أو كان اللعبُ بها ممَّا تَضمَّنَ زورًا مِنَ القول أو فحشًا أو كذبًا أو كلامًا بذيئًا ونحوَ ذلك؛ فإنَّ هذا محرَّمٌ باتِّفاقِ أهل العلم.
أمَّا إِنْ خَلَا مِنْ ذلك فإنَّ «الأَصْلَ فِي العَادَاتِ وَالأَشْيَاءِ وَالأَفْعَالِ أَنَّهَا عَلَى الجَوَازِ وَالإِبَاحَةِ»؛ لعدَمِ ورودِ أيِّ نصٍّ على تحريمها ولا قياسٍ صحيحٍ يُعَوَّلُ عليه في مَنْعِها، وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قولُه: «الحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ»(١)، والقولُ بالإباحة هو مذهبُ الشافعية(٢)، وقد نُقِل عن الإمام الشعبيِّ ـ رحمه الله ـ أنه كان يلعب بالشطرنج(٣)، أمَّا ما عليه جمهورُ الحنفية والمالكية والحنابلة فهو القولُ بالتحريم، وبهذا أفتَتِ اللجنةُ الدائمة(٤)، وما اعتمدوه مِنْ أحاديثَ نبويةٍ لم يصحَّ منها شيءٌ كحديثِ: «مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ، وَالنَّاظِرُ إِلَيْهَا كَالآكِلِ لَحْمَ الخِنْزِيرِ»(٥)، أمَّا أثرُ عليٍّ رضي الله عنه أنه مرَّ على قومٍ يلعبون بالشطرنج فقال: «مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ»(٦)فعلى تقديرِ صحَّتِه فليس فيه حجَّةٌ، خاصَّةً وأنَّ الحديثَ لم يظهر فيه وجهُ الإنكار؛ لاحتمالِ أنه كان يسألهم عن شيءٍ لم يعرفه مِنْ قبلُ، أو أنه أَنْكَرَ عليهم العكوفَ عليها وطُولَ المكث باللعب؛ الأمرُ الذي يُفْضي إلى تعطيلِ المصالحِ والالتزاماتِ والواجبات، وإذا كان بهذا الاعتبار فإنه قد تَقدَّمَ في تحريرِ مَحَلِّ النزاع ممنوعيَّتُه، وأمَّا قياسُه على النرد فهو قياسٌ مع ظهور الفارق؛ لأنَّ النرد كالأزلام قائمٌ على المصادَفة والحظِّ، بخلافِ الدامَّة والشطرنج والدومينو فهي أَشْبَهُ بالمسابَقات القائمةِ على الحذق والتدبير.هذا، وأخيرًا فإنه ـ بغضِّ النظر عن حكمِ هذه الألعابِ إِنْ خَلَتْ مِنَ المحاذير الشرعية المتقدِّمة ـ إلَّا أنَّ الأحوط للدِّين تركُها والاهتمامُ بما يُفيدُ العبدَ في دُنياهُ وأُخْراهُ: كتلاوة القرآن الكريم وحِفْظِه، والعلمِ بأحكامه وآدابِه، والعملِ بمقتضاه؛ فإنَّ العناية به ممَّا يُحْيِي القلوبَ ويُنيرُ الصدورَ ويُذْهِبُ الهمومَ والأحزان.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.