منتديات أوراق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

.
 
تابعونا هناتابعونا هنا  الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  


أوراقنا اشتاقت لمداد حرفك : زائر فــــ أهلا بك



آخر زيارة لك : الخميس 1 يناير



احصائيات المنتدى بيانات مكتبي الرسائل المشاركات الجديدة البحث التسجيل الرئيسية

mo'emn fox
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة

شاطر
تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

 

 سعيد والنساء

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
KEEM
الإدارة الإشرافية
الإدارة الإشرافية


عدد المساهمات عدد المساهمات : 201086
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 10/09/2013

سعيد والنساء Empty
مُساهمةموضوع: سعيد والنساء   سعيد والنساء Icon_minitime1الجمعة 2 فبراير - 21:25

سعيد قد شارف بلوغ العقد الثالث من عمره ، متزوج وله صبي صغير ، معلم للغة العربية في مدرسة البلدة ومشروع أديب كما يحب دائما أن يصف نفسه ، لكن لسعيد حكاية غريبة ، حكاية مستورة قد ووريت عن الأسماع والأنظار ، فهو إلى جانب زوجه له علاقة بثلاث أخريات.

الاولى سوسو .. جارة الطفولة ، قد لامسته وعابثته مرة في غفلة عنه وعن الناس .
لم يكن يدرك ما يحدث ، قد اشتعل رأسه واتقد نارا وحسب ، لم يكن مستعدا أبدا لما حصل من سوسو ، ولم يستعد بسبب الخشية والرهبة.. ربما .
عابثته الفتاة ، احتكت به مرارا تحت سلم البيت ، قالت له ( بصوت خفيض) : هل تخشى الفئران ؟ فرد : لا أبدا . فقالت له : هناك فأر تحت السلم ، وأنا أخشاه كثيرا ، فهلا تخلصت لي منه .
الحقيقة أنه يخشى الفئران قليلا ، لكنه لم يتمكن إلا أن يبرهن على شجاعته ، فتحرك وتحركت خلفه إلى حيث تلك العتمة ،حتى ما إذا أحيطا بها ، التصقت به .
للحظة ملأه الخوف والفزع من فزعها ، ثم أدرك أن فزعها كان بغير سبب، قالت له وهي تجذبه نحوها وتنظر مباشرة في عينيه : لقد تحرك ، هل رأيته ؟ ( قالت له ذلك بصوت منخفض جدا ، مسموع رغم ذلك لقربهما) ارتبك سعيد وقال بتلعثم : لا ( محاولا الروغ منها والتهرب)

فاجتذبته أكثر وقالت له : والآن .. هل تحرك ؟ ( ومدت يدها إلى خاصرته وأحاطت به ) لم يجب ولم يفهم بل زاد ارتباكا وتفلتا وقال بعد برهة : لا .

كان فتى جميل المحيا بهي الطلعة ، لكنه - لم يكن صالحا بعد - . هذا كان استنتاج سوسو .
سوسو لم تكرر محاولتها أبدا ، لكنها تركت في سعيد أثرا لا ينمحي ، رغبة لا تنطفئ ، عطشا لا ترويه كل نساء الكون ، فهو عطش لسوسو .. لسوسو وحسب .

زارته بعدها مرات ومرات ، ولكن في خيالاته ، كان في كل مرة يتخيل المشهد كاملا ، يتخيل كل شيء ، ويتحرك ما لم يتحرك يومها ، يتحرك تائها مع سوسو ، مع سوسو أبدا حتى ينقضي الخيال.
لم تلبث سوسو أن ألزمها أهلها بالاحتجاب ، واختفت في بيتها كما تختفي كل الفتيات ، ولم يتبق منها سوى لهيب مستعر في سعيد .

والثانية غيداء .. زوجة أبي عمر .
أبو عمر كان دائم الاختفاء والترحال ، كان يعمل سائق عربة نقل للخضار ، كان يغيب أياما وأحيانا أسابيع قبل أن يظهر ليوم أو اثنين على الأكثر ، وكانت غيداء - كما تحب أن تنادى – ألقة وضاءة ، غنوج ودودة ، مثيرة في كل حالاتها .
وبعد أن تفجرت الغلمة في سعيد ، بدأ يرى غيداء بعين مغايرة ، وكلما تصادفا في الحي أو قرب مدخل البيت كانت عيناه تتفحصاها باشتهاء ، لكن سعيد كان عاجزا تماما عن أن يتقدم أكثر من ذلك ، فهو حدث صغير ، وهي – من هي – في ميدان الأنوثة .. إلى أن حصل ما لم يكن في الحسبان .
اعتاد سعيد أن يلعب مع أقرانه في أزقة الحي ، حي بسيط بيوته متلاصقة أو تكاد ، واستمر لعب سعيد يومها حتى أعتمت الدنيا وأوشك الليل أن يحل .
كانوا يلعبون لعبة الاختباء ، وهي لعبة تزداد متعتها في الليل ، وكان على سعيد أن يختبئ مع أصحابه كي يبحث عنهم صديقهم الأخير .
انطلق الفتية يختبؤون ، انتشروا في الأزقة وحول المركبات وعلى الأسطح ، واختار سعيد سطح بناء يشرف على الطريق الرئيس ، ويشرف على بعض أزقة الحي ، كان موقعا مثاليا دفع سعيد إلى أن يربض مراقبا متحفزا ، جائلا ببصره راصدا كل حركة إلى أن رأى أحد شباب الحي الكبار يختفي أو يكاد داخل شق بين بيتين ، وينظر من نافذة صغيرة كاللص ، نافذة لبيت غيداء ، ويفعل كما يفعل سعيد عندما يتذكر سوسو .
جمد الدم في عروقه وراح يلملم الموقف ليستوعبه ، ذاهلا عن اللعبة واللاعبين ، تاركا لخياله أن يحلق فيما يراه ذلك الشاب .
لم يتردد سعيد في الاقتراب من تلك النافذة مستفيدا من طول قامته ، كانت تطل على حمام بيت أبي عمر ، وكان الحمام مطفأ الأنوار ، لكن ذلك لم يمنعه من تكرار المحاولة في العتمة إلى أن جاء يوم رآى فيه بعض النور ينبثق من النافذة .
اقترب ، ونظر ، كانت ستارة متهالكة تبين أكثر مما تستر موضوعة على النافذة ، وكانت غيداء تشع بلحمها ودمها في الحمام ، كانت تستحم ، وكانت تردد دندنات مثيرة ، كانت لحظات متفجرة ، جعلت دمه يغلي في عروقه ، ولم يملك إلا أن يلامس ما يثيره ويلهث ، واشتد لهاثه حتى ارتفع صوته فباغتته غيداء مباشرة بالنظر نحوه ، وجم الصبي وتلاقت عيناهما مباشرة . لعلها ابتسمت قليلا ، ربما ، لكنها أطفأت نور الحمام بكل هدوء ، وعادت إلى دندناتها وكأن شيئا لم يكن ، تاركة له أن ينقتل ألف مرة مع كل صوت ينبعث ، حتى خرج طيفها خيالا إلى خارج الحمام .
في اليوم التالي التقى بغيداء صدفة في الحي ، فنظرت إليه نظرة مختلفة ، نظرة جعلته يهرب بعينيه منها ويتمنى لو أنه ما مر من هنا . كان ذاهبا لقضاء حاجة لأمه ، وعندما عاد وجدها في بيتهم ، مات رعبا وخشية ، لكن غيداء قالت : هذا سعيد يا أم سعيد ، قد جاء ، فهلا أتى لي بحاجتي فالمساء قد اقترب ؟ قالت أم سعيد : سعيد يا أماه ، إذهب وأحضر لخالتك بعض الصابون للاستحمام من السوق ، ولا تتأخر . فأردفت غيداء : أحضره لي في بيتي ، وشكرا يا سعيد مقدما .
لم ينبس سعيد ببنت شفة ، وانطلق راكضا نحو صاحب المتجر واشترى الصابون وعاد ، ذهب وعاد بسرعة البرق ، لكنه تسمر أمام باب بيت غيداء ، لم يجرؤ على طرق الباب ، فتوقف تماما قبالة الباب ينتظر .

لم يطل انتظاره ، إذ مر أحد الجيران بقربه فكان وقوفه وموقفه خاطئا بكل المقاييس ، فاستجمع قواه وطرق الباب ، لم تلبث غيداء أن فتحت الباب ، وكانت ...
كانت تلبس ثيابا تشف كثيرا ، وأمرته أن يدخل فانصاع ، وأغلقت الباب وأخذت الصابون وأدخلته للداخل تاركة فسحة لسعيد أن ينظر بعينيه حيثما شاء ، لكن تلك الجرأة كانت أقوى بكثير من أحلام سعيد الذي كان يتصبب عرقا .
عادت بعدها غيداء وهي تسير بدلال ، ونظرت إليه ، وتفحصته ، ولمسته .. ثم
ثم ...
ثم رفعت يديها عنه فجأة وابتعدت خطوتين للخلف .
وتحولت ملامح وجهها من الابتسام لبعض احتداد .
وقالت : عيب عليك يا سعيد أن تختلس النظر ، ما رأيك لو نزعت عنك ثيابك الآن ونظرت إليك ؟؟!! هذا غير لائق منك أبدا ، إياك ، ثم إياك أن تكرر ذلك ، وإلا أخبرت أهلك ، هذه المرة سأعفو عنك ، ولكن إياك والاقتراب من زقاق بيتي . أفهمت ؟!
حاول سعيد أن يقول : فهمت . ولكن صوته لم يخرج ، كان مرعوبا تماما من تصور أن أهله سيعرفون . فمات الصبي ، ومات معه الحلم المؤرق رغم بعض الصور التي بقيت عالقة في ذهنه لما رآى في الحمام .
لم تلبث غيداء إلا أن ارتحلت وزوجها إلى بلدة أخرى ، تاركة له مزيد ألم وحسرة .

والثالثة .. فاتن الكاتبة .
فاتن سيدة محترمة ، أستاذة في الأدب والشعر والحكاية ، في أواخر العقد الثالث من عمرها ، مطلقة ومستقلة وتحتضن ولديها ، ويبدو أنها من أسرة مرموقة تعيش في العاصمة ، قد ورثت مزيد مال من والدتها فاجتمع لها الحسب والثراء ، لكن زواجها من طليقها الذي ليس من مستوى عائلتها جعل أهلها يتخلون عنها ، ولم تكتشف خطأ زواجها منه إلا بعد أن (وقع الفأس في الرأس ) ، وقد ندمت أشد ندامة على ذلك خصوصا بعد أن اكتشفت دناءته وخسته ، فسعت للطلاق وبذلت لذلك الكثير حتى فازت به ، وبقيت تحيا في البلدة البعيدة التي يسكنها سعيد ولم تعد لأهلها وكأنها بذلك تعاقب نفسها على ما جنت يداها .
أما سعيد ، فقد صار شابا يافعا ، أنهى تعليمه الجامعي في الأدب العربي الذي يهواه ، وبدأت له محاولات ليقرض الشعر ، وكان حتما عليه أن يسعى لتقديم نفسه للسيدة فاتن ، فهي قطب من أقطاب الأدب في البلد كلها ، ولها وزنها بين الكتاب والأدباء العرب ، ولا يمكن أن يقفز بسهولة عن النعمة العظيمة التي توفرت له بوجودها في بلدته .
إذن ، فلا بد له أن يقدم نفسه للسيدة فاتن ، ولكن كيف ؟
كان من الصعب الحديث مباشرة للسيدة فاتن ، فهي تملك بيتا منيفا من أكبر بيوت الحي ، وللبيت حارس اسمه ( أبو عصام ) استأجرته بعد أن فقد قدمه في انفجار لغم من مخلفات الحرب ووضع مكانها قدما صناعية ، ويبدو أنها أرادت باستئجارها له أن توفر له ولعياله حياة كريمة ، فنبل المشاعر والأهداف من شيمها .
عمل سعيد على التحدث أكثر من مرة مع أبي عصام ليطلب إليه أن يتيح له المجال الالتقاء بالسيدة فاتن ، لكنه أبى رغم إلحاح سعيد ، ففكر سعيد أن يطلب من أبي عصام أن يمرر للسيدة فاتن بعض كتاباته كي تطلع عليها وتبدي فيها الرأي ، وهذا ما كان . ليفاجأ سعيد بعدها برغبة السيدة فاتن في التقائه لشرب الشاي .
تأنق سعيد وذهب في الموعد ، وولج البيت ليجد السيدة فاتن في انتظاره.

شرعت بالترحاب به وقدمت له الشاي ثم بدأت في نقد كتاباته ، كان سعيد محتاطا جدا فاستوقفها وأخرج قلما ودفترا وراح يدون ما تقوله مما جعلها تشعر ببعض جذل .
كانت كلماتها قاسية نوعا ما ، لكنها أودعت نورا في نهاية النفق المظلم الذي وصفته إذ قالت : قلمك واعد يا سعيد ، وأرجوك أطلعني على كل جديد .
راح سعيد يحاول مرات أخرى ، بعض شعر ، ومقالات ، وقصص ، وخواطر ، وتأملات وفي كل مرة يعرض على السيدة فاتن ما يكتب ، وتذوب بعض الحواجز بينهما أكثر وأكثر ، فتزيد ألفة الحديث وتختفي بعض الرسميات .

كان سعيد معجبا جدا بشخصية السيدة فاتن ، وبمنطق السيدة فاتن ، وبسمت السيدة فاتن ، وبرقي السيدة فاتن ، بالنهاية .. كان يرى السيدة فاتن (الأب الروحي) الخاص به ( إن استعيرت هذه اللفظة ببعض تجاوز ) ، خصوصا بعد أن طلبت إلى إحدى المجلات الأدبية أن تنشر إحدى قصصه وتعليقها عليها ، وبعدما تفضلت عليه السيدة فاتن وطلبت إلى مدير التعليم في الناحية أن يعينه في مدرسة البلدة مما جعله يستقر في وظيفة تؤهله للزواج والاستقرار ، فأهل البلدة لا يزوجون بناتهم إلا لشخص يعمل ويكسب من كده ، وهذا ما كان فقد تزوج سعيد من حسنية ، بنت لأسرة بسيطة يعمل والدها مزارعا ، فتاة عادية أنارت لسعيد حياته وأنجبت له ولده الصغير ( أسعد ) ، وبهذا تعتبر السيدة فاتن صاحبة فضل عظيم حتى في زواجه ، وتستحق كل الاحترام والتوقير الذي يظهرهما لها .

لكن نظرة (القداسة) التي حملها سعيد للسيدة فاتن لم تلبث إلا أن اهتزت وحلت محلها نظرة أخرى ، نظرة مختلفة .

ففاتن اعتادت أن تستقبل سعيد بتحفظ ، إما في غرفة المكتب أو في صالة الضيوف ، وكانت ترتدي ملابس رسمية ، وتتحدث بلغة رسمية على الأغلب ، وهذه الأمور استمرت جميعها حتى بعد التبسط النسبي في حديثها معه ، لكن مرض السيدة فاتن ولزومها الفراش جعل سعيد يسأل إمكانية عيادتها ، وبعد أن حصل على الإذن دخل ليجد فاتن مختلفة.

كان يحمل باقة ورد وعلبة حلوى ، يريد بهما أن يعبر عن مدى امتنانه وقلقه على السيدة فاتن ، وعن أطيب أمانيه لها بالشفاء العاجل .
تقدمته الخادمة أم ربيع وصعدت السلم ، تبعها سعيد بتوجس ، سارت في ممر واسع ، ثم دلفت إلى غرفة بابها ضخم بعد أن طلبت إليه الانتظار قليلا ، لم يطل انتظاره حيث خرجت أم ربيع من جديد ، وأشرعت الباب ودعته كي يدخل .
في الداخل لم تكن السيدة فاتن هناك ، لم يكن الجو رسميا ، ولم يكن أيضا من مقعد أو كرسي يجلس إليه .
كانت فاتن متمددة على الفراش مدثرة بغطاء سميك ، قد غابت عن وجهها المساحيق التي كانت تخفي كم هي وضّاءة ، كما غابت عن تقاسيمها آثار الجدية والتحفظ .
كانت تبتسم بلطف ، وتحيي بعبارات هادئة وبصوت وادع خفيض ، كانت فاتن بفراشها فاتن أخرى ، كانت ساحرة ورقيقة ومستكينة ، يبدو أن المرض شديد عليها .
حياها بلطف ، وسأل لها المعافاة ، وجال ببصره خلسة ليتفقد وجود مقعد مرة أخرى فلم يجد ، أدرك أن عليه أن يقوم بواجب الزيارة وقوفا فاختصر كلماته وعززها بمزيد ابتسامات ثم استأذن ، وعاد بظهره إلى أن خرج من الباب وهو يردد ويكرر تلك العبارات .
كانت أم ربيع تقف إلى جواره ، أخذت منه الورد والحلوى ووضعتهما جانبا ، لترافقه بعدها إلى باب البيت ، فيما كان سعيد ذاهلا عنها فيما رأى من حال فاتن وصحتها ، والأهم فيما رأى مما أحالها من السيدة فاتن إلى فاتن ، فاتن وحسب .
لم تلبث فاتن أن استعادت صحتها ، وعادت معها اللقاءات بين الفينة والأخرى لنقد مقالة أو خاطرة أو تأمل أو محاولة شعرية .
كانت فاتن تجد في سعيد اعتبارها ومكانتها التي لا يعرفها أهل البلدة ولا يقدرونها ، وكانت تشعر معه ببعض قيمتها من خلال التوقير الذي يظهره لها ، ولهذا لم تعترض أبدا على تكرار الزيارات خصوصا بعد أن أصبح سعيد (الأستاذ سعيد) وقدمها لأهل البلدة في مسابقة لإلقاء الشعر كحكم رئيس وأشاد بها وذكر من سيرتها الكثير مما يجهله أهل البلدة ، الذين بدورهم إزداد احترامهم لها ولم يعودوا يرونها متكبرة في برجها العاجي .
هي في المقابل قدمت للأطفال جوائز قيمة وكأنها بذلك تشتري محبتهم ومحبة الناس من حولها .
ذات مرة ، وبينما كان سعيد يعرض مقالة على السيدة فاتن ، سقطت بعض أوراق فحاولا في ذات اللحظة أن يلتقطا ما سقط .
لماذا عندما يلتقي الناس في السقوط يكون اللقاء أقرب ؟
كانت لحظة ، لمع فيها الأمر في ذهن السيدة فاتن ، وكان سعيد يحلم في ذات اللحظة .
انتفضت فاتن وارتعشت ولملمت أطراف ثيابها عليها ، وانسحبت للخلف قليلا وقالت : أعتقد أن الوقت قد تأخر يا أستاذ سعيد ، معذرة منك .
أدرك سعيد أنها شعرت بشيء ، وإلا ، فلماذا طلبت إليه المغادرة والوقت ليس متأخرا ، رغم ذلك استأذن سعيد وعاد بيته ، عاد بيته وهو يفكر في فاتن ، في صلابتها وقوة احتمالها ، كيف لإنسانة أن تعيش منعزلة عن الدنيا ؟!! ألا تحتاج لبعض حنان !!! ألا تحتاج لبعض سكينة !!!
أما فاتن فقد تألمت من حالها ، وعز عليها شأنها ، وعاد حنينها واشتياقها لأهلها يستعر من جديد .
صارت السيدة فاتن أكثر تحفظا في لقاءاتها مع سعيد ، حيث صارت تطلب إلى أم ربيع أن تبقى معهم أطول فترة ممكنة ، لاحظ سعيد هذا ولم يعجبه ، لكنه كان مرغما على الصمت رغم أنه كان يلقي – وبشكل حذر – بعض الكلمات التي تحمل بعض التجاوز في الفترات التي تغادر فيها أم ربيع لإحضار الشاي أو ما شابه ، كما إنها صارت تقابله في حديقة البيت وأمام البستاني وفي وضح النهار مستفيدة من العطلة الصيفية والشمس الدافئة.
فكر سعيد أن يسدي للسيدة فاتن خدمة بالمقابل ، فكر أن يتصل بأهلها ليخبرهم عن حالها عل الشمل يجتمع ، لكنه خشي من رد فعل السيدة فاتن ، كان سعيد محتارا في نظرته للسيدة فاتن ، فتارة يراها صاحبة فضل لها أسمى درجات التوقير ، وتارة يراها زهرة ألقة قد تم قطافها وتشتاق للماء كي تحفظ رونقها .
في أيلول يبدأ عام دراسي جديد ، يأتي الأولاد والبنات إلى المدرسة من جديد ، يكبرون عاما أخر ، ويعيد كل معلم ومعلمة شريط أدائه في العام الماضي من جديد لطلبة جدد ، مستفيدا من أخطائه ومعالجا لها ، ومحاولا أن يضع بصمة مشرقة في مستقبل الأمة .
كانت هذه بعض كلمات سعيد التي ألقاها على مسمع المعلمين والمعلمات في اليوم الأول لدوام الهيئات التعليمية ، حيث اعتادوا كل عام في بلدتهم أن تنظم البلدية احتفالا باليوم الأول لدوام المعلمين والمعلمات ، كانت تلك مبادرة لرئيس بلدية سابق ، كان معلما فيما مضى ، وظل هذا التقليد في البلدة حتى بعد تغير أربع رؤساء بلدية آخرهم السيد عاصم الذي احتل مكانه هذا العام فقط .
كان الحفل متميزا ، كلمات مكررة ، وعبارات مستهلكة ، وابتسامات زائفة في غالبها ، وحضور كبير ، ورغم ذلك فقد كان الحفل متميزا .
الحاكم الإداري وزوجه ، ورئيس البلدية وزوجه ، ومدير المركز الأمني وزوجه ،وبعض الوجهاء من البلدة ، والأسر التعليمية لمدارس البلدة ، كانوا هم حضور الحفل ، ولا ننس السيدة فاتن أيضا .
لم يكن تميز الحفل بسبب الكلمات ، ولا بسبب الحضور ، بل كان تميز الحفل بسبب الغداء الفاخر الذي اختتم به الحفل ، فالسيد رئيس البلدية قد نظم حفلا رائعا جدا بسبب الوليمة التي تلته ، والتي لا يعتقد أنها ستتكرر مرة أخرى في هذه البلدة.
كان من المناسب أن يصافح سعيد رئيس البلدية بعد الطعام ، خصوصا وأنه من ألقى كلمة المعلمين في الحفل .
تحرك نحوه ، كان يقف وزوجه يوزعان الابتسامات ، تقدم سعيد منه وصافحه ، فاجأه رئيس البلدية بمعرفته اسم سعيد وحياه بحفاوة ، أراد سعيد أن يشكره على الحفل الجميل لكنه لم يترك له فرصة لذلك ، وقدمه إلى زوجه قائلا : إنه الأستاذ سعيد يا عزيزتي .
تقدمت زوجه خطوة أخرى من سعيد ، ومدت يدها لتصافحه وهي تقول : أهلا أستاذ سعيد .
صافحها ورد التحية ، فأردفت : ألم أقل لك أنه لن يعرفني ، فقد صرت بشعة .
-العفو سيدتي ، أنت .. أنت لست بشعة أبدا ، بل أنت .. لست بشعة إطلاقا .
قال سعيد تلك الكلمات بتلعثم شديد ، وقد اختلطت عليه الأمور ، عن ماذا تتحدث هذه السيدة ؟
ضحك رئيس البلدية وقال له : يا أستاذ سعيد أمعن النظر ، هذه جارتك سمر .
بقي سعيد واجما ، من !! بدأ ينظر إليها من جديد محاولا العودة في الزمن ليعرفها .
كانا لا يزالان متصافحين ، شدت سمر علي يديه قليلا وقالت له وهي تنظر مباشرة في عينيه نظره عتاب : هل يعقل أن تنساني يا سعيد ؟
مباشرة ، عندما نقطت اسمه بغير كلمة (استاذ) تذكرها ، عاد الزمن به ليرى سوسو أمامه ، إنها هي ، سوسو حلمه الأزلي .
-سوسو .
قد فلتت الكلمة ، خشي من عدم اللياقة ، لكن ضحكتها ورئيس البلدية بددتا خوفه ، ردت عليه : أي نعم ، أنا سوسو ، لكن هذا كان أيام الطفولة ، الآن أنا السيدة سمر .
سعيد يتصبب عرقا ، ويحيي السيد رئيس البلدية والسيدة زوجه وينسحب بسرعة ، كاد أن يختنق ، يريد أن يتنفس بعيدا عنهم ليستجمع الموقف ، كيف لك يا سوسو أن تعبري كل ذلك الزمن لتعودي الآن من جديد ؟!!
حاول أن يتنفس وأن يضبط نفسه قليلا ، فهو محاط بكثير من الناس ، يحاول الروغ من أعينهم ويرد على ابتساماتهم ويبتعد حتى فوجئ بنفسه أمام السيدة فاتن وبشكل مباشر .
لم يستطع الهرب ، فابتسم لها ، وحياها ، لكنها أحست بتغير لونه ، سألته مباشرة : مالك أستاذ سعيد ؟ هل أنت مريض ؟
أجاب : لا أبدا سيدتي الأستاذة ، إنما كنت أبحث عنك كي أسألك أمرا .
-تفضل ، ماذا تريد ؟
-أرغب بتمرير القصة التي أخبرتك عنها كي تطلعي عليها وتتفضلي علي بتوجيهاتك .
-تستطيع تمريرها في أي وقت ، مالك يا أستاذ ؟ تمرير القصة لا يحتاج لموعد .
-هذا صحيح .. معك حق .
-يا أستاذ سعيد ، لا زلت أرى أنك لست على ما يرام ، أنت تتصبب عرقا .
( معك حق يا أستاذة ، يحتاج إلى منديل ليجفف عرقه ) بهذه الكلمات قاطعت سمر حوارهما ، وقدمت منديلا لسعيد الذي أخذه وهو مطأطأ الرأس ، وحاول أن يجفف عرقه بيده المرتجفة ، ثم حاول إعادته لسمر التي قالت له : هل ستعيده لي مبللا ؟!!
فاتن بدورها صمتت ، لم يعجبها الحال ولا الطريقة ، وأحست بأن هذه السيدة تعرف سعيد عن قرب ، من الواضح أنها سيدة جريئة جدا ، سعيد شاب محترم لكنها من يطارده ، الشاب يرتجف بسببها حتما ، هي .. نعم هي من تزعجه .
مالي وللأمر برمته ؟! لماذا أدافع عن سعيد ؟!!! هو رجل ويستطيع تدبر أمره ، ثم .. ارتباكه الشديد دليل على ضعف موقفه ، فمن الواضح أنه قد أخطأ خطأ ً – يندى له الجبين - .
لا لا .. سعيد شاب طيب القلب نقي السريرة ......
معركة تدور رحاها بصمت في ذهن فاتن ، وملايين الصور الخيالية تتفجر وتتلاشى في ذهن سعيد ، وابتسامة الواثق ترتسم على وجه سمر .

بعد زهاء ساعة ، شوهد الأستاذ سعيد يسير بانطلاق وحيدا بين حقول البلدة ، وقد تخلص من ربطة عنقه ، وقبض يده على منديل يشمه كل برهة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
KEEM
الإدارة الإشرافية
الإدارة الإشرافية


عدد المساهمات عدد المساهمات : 201086
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 10/09/2013

سعيد والنساء Empty
مُساهمةموضوع: رد: سعيد والنساء   سعيد والنساء Icon_minitime1الجمعة 2 فبراير - 21:25



سعيد والنساء 8fyP4sOoMSTkgAAAAASUVORK5CYII=

سعيد والنساء Large
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
العراب
قلم ماسي
قلم ماسي


الجنس : ذكر
عدد المساهمات عدد المساهمات : 60745
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 30/09/2013

سعيد والنساء Empty
مُساهمةموضوع: رد: سعيد والنساء   سعيد والنساء Icon_minitime1الجمعة 2 فبراير - 21:47

سعيد والنساء 9k=
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
KEEM
الإدارة الإشرافية
الإدارة الإشرافية


عدد المساهمات عدد المساهمات : 201086
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 10/09/2013

سعيد والنساء Empty
مُساهمةموضوع: رد: سعيد والنساء   سعيد والنساء Icon_minitime1الجمعة 2 فبراير - 22:19

هلا وغلا بالعراب
سعيد والنساء 913180
كل التقدير لمتابعتك  وحضورك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سعيد والنساء
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المانجو منشط للجنسي للرجال والنساء
» ما حكم إزالة الشعر بالليزر للرجال والنساء؟
» عيد فطر سعيد
» عيد فطر سعيد
» عيد سعيد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات أوراق :: الأوراق الأدبية والشعريــة :: أوراق ألف ليلــة وليلـــة-
انتقل الى: