في تلك القرية الصغيرة ، ام تكن العجوز الطاعنة في السن تفارق الناي ،
كانت دوما تمسك به ..
وفي احدى الأيام التقيتها وأنا عائدة من الغدير ، كانت تخطو بخطوات مسرعة
ولمحت نظرة حزينة وشيئا يشبه الدموع يقف في عينيها
كانت تتحسس نايها ، الذي يبدو أنه ألف حركتها ،
ثم تنهدت وأردفت : كان لي ولد يعينني على عبئ الحياة
وتحمل مشاقها وكان يهوى ترديد ألحان حزينة بنايه ،
وضمت الناي إلى صدرها بقوة ، وكأنه ابنها الذي فقدته ، في يوم كئيب حزين
ذهب لذلك الجبل ، وأشارت بسبابتها إليه ،
ولم أعد أراه ، ثم تهاطلت دموعها ، إلى أن استطردت : كان ولدي وفيا لنايه
الذي صار هو الآخر وفيا له ، فنفس اللحن ظل يردده الناي حتى بعد غياب صاحبه
كان دوما يشهد السماء والأرض والطبيعة
على ترديده إياه .. والآن أصبح مجرد ذكرى
وأجهشت بالبكاء ، ضممتها وأحسست أنها تنتشي بسماع لحن ما
عدنا أدراجنا وهي تسمع شيئا ما ، يرافقها في طريق العودة .