كانا يحضران قسم "النحت" معاً
تعلّما أسسه، وطُلب من كليهما صنع تمثالٍ بالمقاييس التي تشتهي نفسيهما، وبالمواصفات التي أحبا..
وضع كلٌ منهما قالباً للشكل الخارجيّ لأي إنسان، ثم بدأ العمل على "التمثيل" الأمثل للتمثال!
أخذ هو يصنع تمثاله، قوامٌ متناسق منحوتٌ بدقة، عينان كبيرتان، شعرٌ منسدل وطويل، فمٌ ممتلئ وأنف صغير... إلى أن أنهى صنعها..
حمل كل جزء منها جزءً من تخيلاته لفتاة أحلامه المثالية..
أما مرتادة القسم الأخرى، فقد شرعت في تشكيل قوام تمثالها للتو، واستغرقت وقتاً مطولاً في إبراز عضلاته المفتولة، وأتقنت تفاصيله من رأسه حتى أخمص رجليه، كان تمثالا للـ "prince charming" الخاص بها!
بعدما خلصا من عملهما، جالا ببصرهما القسم، كان لكل مرتادٍ لتلك الحصة تمثال بمواصفاته الخاصة.
تجاذبا يوما أطراف الحديث بصدفة جمعتهما، أحب كل منهما طريقة تفكير الآخر، وهناك ابتدأت القصة..
كان هو يغوص كل يومٍ في تفاصيل زميلته في القسم، يرى أنفها الطويل لكنه يعمى عن إبصاره، يلحظ سُمنتها لكنه لا يلاحظها..
ومع مرور الوقت، بدأ بتغيير تمثاله! لم يأبه للتخلي عن الصورة المثالية لما صنعه، بل أراد لقلبه أن يجسد ما كان يوده حقاً.. حتى أصبح تمثاله الجديد يشبهها كثيراً، ولو أنه كان يراها أجمل بكثير!
في المقابل، كانت هي تحطم تمثالها قطعة قطعة عند محاولة مطابقته مع تفاصيل زميلها، نزعت الشعر المتوسط الطول الذي كانت قد نحتته، العضلات، الغمازتين.. وبذلك تهشم وجه التمثال..
أصبح أمامها قالبٌ يخلو من أي ملامح.
أبصرت مطولا في تفاصيل زميلها، أقفلت قلبها أمام ما جسدته لها عيناها من عيوب.. وبدأت في نحت تمثال آخر بعيدا عنه.
ويُقال.. بأنها مازالت تنحت وتعيد نحت تمثالها إلى أن خارت قواها.