هو اسمه (شاكر)وحقا هو دائما لله شاكر،جميل الأخلاق
والأدب يرتسم جلالا على وجهه،وكان قصير القامة،
يرتدي نظارة أكبر من وجهه،ثيابه غريبة،فهو يرتدي
بنطالا قصيرا جدا وقميصا أبيضا لم يغره قط،وبكل
تأكيد لا ننسى شعره المجعد البني الكثيف،بالاضافة
إلى الذكاء الحاد،وسرعة البديهة،إلا أنه مسكين لم
يعرف في يوم من الأيام كيف يدافع عن نفسه،فدائما
يتعرض للسخرية ممن هم حوله:ياقصير!،يا صاحب
اللبس الواحد!،ياذا النظارة الضخمة!،يا أيها المخلوق
الغريب! وووإلخ.....
من الألقاب المحرجة التي لا تنتهي،فكان يمر من
جانبهم والحزن يحتضن قلبه،والأسى على حاله يدمره
باستمرار،وإذا ما مر بجانبهم فلابد أن يمر بعد إهانة
كبيرة،فيقومون بدفعه وهم يضحكون،حتى يسقط
أرضا وتطير نظارته بعيدا ،فيضطر بأن يحبو على
ركبتيه ليصل إلى نظارته وهو يبكي فيلتقطها و
يغادر من عندهم باكيا،وهم لشدة الضحك لا يتمالكون
أنفسهم.
يعود شاكر إلى بيتهم،ويهرع إلى غرفته وتحديدا إلى
سريره،فيبكي و يضرب بيده السرير وهو يقول:ماذا
فعلت لهم حتى يعاملوني بكل تلك القسوة؟.
يتوقف فجأة عن البكاء،ويفتح باب غرفته غاضبا
ويقول:يا أمي!،من الغد فصاعدا أنا سأترك المدرسة
ولن أذهب إليها.
تحاول أمه أن تعرف منه السبب ،ولكنه تركها وغادر
المكان من فوره ،وعاد إلى غرفته ليكمل البكاء وحده
طرقت عليه أمه الباب عدة طرقات ولكنه لم يجب،و
بعدها في صباح اليوم التالي،ارتدى شاكر ثيابه نفسها
ففرحت أمه لأنه غير رأيه،وقد بدا له أنه بخير،ولم
يطمئن قلبها حتى سألته،فقال لها:أنا بخير.
تناول فطوره وذهب إلى المدرسة،ليتعرض إلى التنمر
كالمعتاد،ولكن هذه المرة مختلفة عن سابقاتها،حيث
في وقت الفسحة حاضروه مجموعة من المتنمرين
المتكبرين،وقاموا بضربه وهم يضحكون،وفي تلك
الأثناء لمحهم أستاذ العلوم وفي نفس الوقت هو رائد
لفصل شاكر،فأفزعه مارأى فركض فورا وهو يصرخ!:
يا حمقى!
اتركوه!
ففروا من أمامه كالفئران،وأسرع الأستاذ نحو شاكر
فوجد وجهه فيه القليل من التورمات ،وكان أنفه
ينزف دما،فأسرع به نحو المستشفى.
في صباح اليوم التالي في المدرسة، لم يحضر شاكر
أبدا،وفي هذا اليوم كان هناك اجتماعا طارء لكافة
المدرسين،والمرشد،والوكيل،مع الرأس ألا وهو المدير،
بعد الاجتماع ،خرجوا بقرار مقتضاه،سيتم معاقبة
كل من قاموا بضرب شاكر،وكل من يتعرض للتنمر يجب
عليه تقديم شكوى فوريه لأستاذه،حتى يقوم الأستاذ
بمعاقبة المتنمر،وكل متنمر يعاقب بالفصل من المدرسة
لمدة لا تقل عن ٢٠ يوما،مع خصم للدرجات،وإن لم
يتوقف المتنمر عن التنمر فإنه سيتعرض للضرب
المبرح بالعصي على يديه،ومن ثم الفصل النهائي من
المدرسة،وتم تعليق لوح في كافة أرجاء المدرسة،تهدد
وتتوعد في كل من يقوم بالتنمر والاعتداء،بأنه
سيعرض نفسه لأشد العقوبات،ومن بعدها بعدة
أشهر ومن بعد حادثة شاكر،انخفض مستوى التنمر
إلى أقل مالم يمكن توقعه.