السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحج عرفة
((الحجُّ عرفة))، هكذا قال عليه الصلاة والسلام مُبيِّنًا أهمية الوقوف بعرفة، وأنه ركنُ الحجِّ الأعظم، فمن لم يقِفْ بعرفة، فقد فاته الحجُّ؛ قال ابنُ قدامة رحمه الله: "والوقوف ركنٌ لا يتمُّ الحجُّ إلَّا به إجماعًا"؛ [المغني: 3 /432].
وقال ابن رُشْد رحمه الله: "أجمعوا على أنه ركنٌ من أركان الحجِّ، وأنَّ مَنْ فاتَه فعليه حجٌّ قابلٌ"؛ [بداية المجتهد: 1 /481].
وليس معناه أن مَنْ وَقَف بعرفة لم يَبْقَ عليه شيءٌ من أعمال الحجِّ بالإجماع؛ بل عليه إضافة إلى ذلك: الإحرام من الميقات، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، والحَلْق أو التقصير، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، والمبيت بمنى، وغير ذلك.
وأما وقت الوقوف بعرفة، فيبدأ من زوال شمس يوم التاسع من ذي الحجَّة، ويمتدُّ إلى طلوع فجر يوم النَّحْر، وقيل: يبتدئ من طلوع فجر اليوم التاسع، فمَنْ حصَل له في هذا الوقت وقوفٌ بعرفة ولو لحظة واحدة، فقد أدركَ الوقوفَ، وفي أي مكان وقَفَ من عرفة أجْزأه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وقفْتُ ها هُنا، وعَرَفةُ كُلُّها موقِفٌ))؛ [رواه مسلم].
وفي يوم عرفة ينبغي على المسلم - سواء كان حاجًّا أم لم يكن - أن يحرِص على ما يلي:
أولًا: الإكثار من شهادة التوحيد بصِدْقٍ وإخلاص.
ثانيًا: الإكثار من الدعاء بالمغفرة والعِتْق من النار.
ثالثًا: التوبة الصادقة.
رابعًا: الإكثار من فعل الخيرات، وبذل المعروف، والإحسان إلى الناس.
وأما غير الحاجِّ فيُشرَع له - زيادةً على ما سَبَق - صيام يوم عرفة؛ فعن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((صيامُ يوم عرفة أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه، والسَّنةَ التي بَعْدَه))؛ [رواه مسلم].