الغُسل في حكم تعلُّق غُسل الجمعة
السـؤال:
في قوله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم: «غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ»(١): هل هذا الغُسل هو مِن أجل صلاة الجمعة أو ليوم الجمعة؟ فإن كان للصلاة فهل هو واجبٌ على النساء وأصحاب الأعذار -أيضًا-؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فغُسل الجمعة يتعلَّق بالصلاة والذهابِ إلى المسجد لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً…»(٢) الحديث، ولحديث ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم يقول: «مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ»(٣). والحديثان يدخل فيهما كُلُّ مَنْ يصحُّ التقرُّبُ منه ذَكَرًا وأنثى، حُرَّا وعَبْدًا(٤). والمرأةُ لها أن تغتسل مرَّةً في الأسبوع، والأفضلُ أن يكون يومَ الجمعة لِمَا رواه النسائيُّ مقيَّدًا بلفظ:«عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مُسْلٍِمٍ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ غُسْلُ يَوْمٍ وَهُوَ يَوْمُ الجُمُعَةِ»(٥). والحديث -وإن ورد فيه ذكرُ الرجل المسلم- فهو يتناول المرأةَ -أيضًا- لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»(٦) أي: في الحكم، ما لم يَرِدْ دليل الخصوصية. وقد وردت صِيَغٌ أخرى مطلقةٌ يُفهم منها هذا التناولُ، منها: حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «للهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَقٌّ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا»(٧). والحديثُ شاملٌ للمرأة والعبد والمسافرِ والمعذورِ. وتقييدُه بالجمعة للأفضلية. لكنَّ المرأة وغيرَها ممَّن يريد صلاةَ الجمعة ويشهدها فعليهم بالغُسل لتعلُّقه بالرواح إلى الجمعة لا بالصلاة ذاتِها(٨) -كما تقدَّمت به الأحاديثُ الصحيحة-، ويؤكِّده ما أخرجه أبو داود وغيرُه: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحٌ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ»(٩).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.