كن رقيقاً ليناً
يقول بعض السلف: ليكن وجهك بسطاً، وكلمتك لينة تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء، ولو تأملت قول المولى - جل وعلا -: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، لعلمت أن الداعية بأمس الحاجة إلى التفاف الناس حوله واستمالة القلوب إليه، لكي يسمع لدعوته ويستجاب له، ولا يتحقق ذلك إلا باللين.
والداعية في طريقه يواجه الناس في رغباتهم وهواهم، فيأمر وينهى، والناس ترفض ترك أو فعل ما يخالف هواها، فالمعين الأكبر على الاستجابة للداعية بعد توفيق الله هو أن يتحلى بالرفق واللين.
إخواني أحبابي إن الله - جل وعلا - ذكر رسوله بنعمة عظيمة أنعم بها عليه فقال: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - سيد الرفقاء واللينين، فكان حسن الخلق وكثير الاحتمال ولا يسارع في الغضب والتعنيف إذا برز خطأٌ، فإذا علمت هذا فاقرأ غير مأمور معي هذه النصوص الدالة على الرفق واللين في التعامل مع المدعوين:
قال - تعالى -لموسى وهارون - عليهما السلام -: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى).
أتدرون من فرعون وما هي مقالته ودعواه؟
قال القرطبي - رحمه الله -: "فإذا كان موسى - عليه السلام - أمر بأن يقول لفرعون قولاً لينا فمن دونه أحرى بأن يقتدي بذلك في خطابه وأمره بالمعروف وفي كلامه".
وإذا عجزت عن العدو فداره *** وافرح له إن المزاح وفاق
فالنار بالماء الذي هو ضدها *** تعطي النضاح وطبعها الإحراق
حسبك أخي في الله ما رواه مسلم من حديث عائشة لما روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قوله: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)).
إن الرفق واللين لهما فضائل جمة لمن تحلى بهما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم من رفق بأمتي فارفق به))، وقال: ((إذا الله أراد بقوم خيراً أدخل عليهم الرفق))، وقال: ((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف)).
وصية نبوية:
أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن، فأوصاهم بقوله: ((يسروا ولا تعسروا، وابشروا ولا تنفروا، وتطاوعاً)).
رسولنا القدوة:
تذكرو - علمكم الله بعلمه - ما كان عليه صلي الله عليه وسلم من رفق ولين، وإليكم هذه الشواهد: -
"قصته مع المرأة التي تبكي ولدها عند القبر، قصته مع معاوية بن الحكم السلمي لما تحدث في الصلاة، موقفه مع الأعرابي الذي بال في المسجد، حواره مع الشاب الذي جاء يستأذن في الزنا، ملاطفته للأسير قبل الإسلام ثمامة بن أثال).