يحل الفجر فى الليل يصير نهار، وتحل روحها فى جسدها بعد ساعات قليلة من نوم مرهق فوق سطح الأرض مباشرة، تيقظ أطفاله وتذهب بهم إلى مدرستهم القريبه الحكوميه الرديئه، كم مرت ككل يوم من أمام المدرسه الخاصه وتمنت لو تملك أى شئ لتمنحه وتحصل على مقعدين لطفليها بداخل مدرسه أولاد الناس وأن حصلت على ذلك هل ستحصل على الأحترام أنها ليست سوى بائعة تمر..
تشعر بغصه فى حلقها تلعن الفقر ككل يوم ،وتلعن الموت لأنه خطف منها ذلك الجدار التى آمنت يوما بأنه غير قابل للأنكسار ولكن زوجها ككل البشر لهم ميعاد يختفون فيه تحت باطن الأرض ويتركون لنا هموم مزدوجه نتحملها وحدنا، تمنت الموت أيضا ولكنها خافت على أطفالها فلم تدعى خوفا لتستجيب السماء لدعائها..
عادت إلى المنزل كي تحضر عربة التمر والثلج وابنها الذى لم يبلغ سن العذاب الحكومى أو المدرسة الحكومية بعد، عندما عادت مصادفة مرت أمام مرآه ورأت نفسها لم تكن أبدا هى كانت أخرى الموضوع ليس له علاقة بالملامح ولا بالعباءة ذات اللون الواحد الأسود، الموضوع له علاقه بروح تترك أثر أيجابياً أو سلبياً على الملامح ،من هى لا تعلم، تركت تلك الأسئله ذات الرفاهيه وأيقظت صغيرها وأخرجت عربه التمر وبدأت فى دفعها هى وصغيرها حينها كانت الشمس تبعث ببعض حرارتها عبر الألأف السنين الضوئيه..
لم تكن تعلم الشمس أن حرارتها كلما تزيد فى فصل الصيف جعلتها تصنع التمر للعابرين وكلما أنخفضت فى فصل الشتاء صنعت الشاى للعابرين وأن كان لسببين أولهم ظهور أخرى تصنع الشاى للعابرين والثانى تزايد حرارة الجو طوال العام جعلوها تصنع التمر فقط..
تصل إلى موقف عربات الأجره وألقت تحيه الصباح على كل الموجودين، وتوافد عليها شئ بشئ ككل يوم العابرين والسائقين وكل من لم يعد يطيق الحرارة..
بدأ ابنها فى اللعب بجوارها سقطت قطعه كبيره بعض الشئ من الثلج فغسلتها ووضعتها،الموضوع لا يتعلق هنا بالصحه الموضوع يتعلق بالجوع والفقر والمصاريف طال اليوم كما يطول كل يوم..
وأنزعجت عندما رأت صغيرها يشرب مع طفل أخر سيجاره ردت عليها من تقدم الشاى
_ويعنى انتى جايبه الواد الحديقة الدوليه وبعدين دول نفسين يخلوا الواد راجل!!
لم تجد ما ترد به نهرت ابنها أجلسته بجوارها وحذرته من فعل ذلك وأخذت تفكر كيف صار بها الأمر إلى هنا بعد أن كانت زوجة رجل محترم وأن كان هو الذى يعمل هنا ولا تعلم شئ عن كل هذا كانت تود أن تبكى ولكن تفاجئت فجأة على صوت ينهرها ويهددها بالطرد من الموقف لو لم تدفع أكثر هذة المرة أو لا تدفع شئ و تذهب إلى شقته كباقى زميلاتها فى الموقف..
لا تعرف حتى الأن لماذا أمسكت بسكين قريب وزرعته فى قلب معلم الموقف ولا تعرف لماذا نطق القاضى بالحكم عليها بالأعدام شنقا ولا تعرف لماذا لم تعد ترسل الشمس حرارتها كى تكمل حياتها بائعة تمر!!