كانت الفتاة الأكبر من بين أخواتها وإخوتها،وقد كانت
فتاة مثالية بالفعل،حيث كانت تقوم بجميع المهام
المطلوبة منها والغير مطلوبة أيضا على أكمل وجه،
فكانت تغسل،وتكنس،وتنظف،وتمسح،وتطبخ وتقوم
بكل شيء وأي شيء،إلا نفسها فقد كانت تهملها اهمالا
شديدا،حتى كان معظم الناس يشفقون عليها ويلقبونها
بالفتاة (البلهاء) لأنها تقوم بخدمة الجميع إلا نفسها،
فكانت تلقى الاحترام والتقدير من البعض،ولا تلقاه
من البعض الآخر فيحتقرونها كونها لا تعرف كيف تدافع
عن نفسها.
مضت السنوات وكن أخواتها قد تزوجن،ولم يبق إلا
الذكور فازداد الضغط عليها خاصة منهم،فهذا يريد
أن يعد الطعام بسرعة،وذاك يريد أن تغسل وتكوى
ثيابه،وإن تأخرت عن خدمتهم فالويل لها!.
أحست بالارهاق والتعب من كل شيء،وتقدم بها العمر
حتى بلغت الخامسة والثلاثين عاما،فبدأت بالخوف
حقا على نفسها،وأن يظل شبح العنوسة يلاحقها للأبد
خصوصا أنها تعيش في مجتمع متخلف فكريا وعقليا،
ظلت تدعو الله ليلا ونهارا بالزوج الصالح الذي يأتي
على غمامة الفرج لينقذها من هذا السجن المظلم،وبما
أنها فتاة بريئة وجميلة بروحها،استجاب الله لدعائها
ورزقها بطبيب أسنان يبلغ من العمر أربعون عاما،لم
يتزوج من قبل،وحالته المادية ممتازة،بالاضافة إلى
خلقه النبيل ودينه الجميل،فوافقت عليه على الفور
دونما أي تردد،وتم الزواج على عجل والجميع سعداء
كانا يعيشان مع بعضهما البعض طوال السنتان اللتان
قد مضتا في رخاء وهناء،ولم يعكر صفو مزاجهما أحد
هي كانت سعيدة معه وهو كان سعيدا معها،إلى في
يوم من الأيام سافر زوجها إلى مدينة أخرى لأنه
قد جاءته فرصة عمل براتب مبهر في مشفى خاص،فلم
يرد أن يفوت هذه الفرصة،ووعدها بأنه بعد أن يستقر
جيدا هناك سيعود لأخذها معه،ليستقرا سويا،ولكن
عليها أن تصبر فقط لمدة شهرين،فوافقت على هذا
بعد أن سافر زوجها كانت قد بدأت تشعر بالفراغ
العاطفي وبحاجة ملحة لمن يسد هذا الفراغ،وكان
زوجها قد أهملها قليلا ولم يعد كالسابق معها لأنه
بعيد جدا منها،فحاولت أن تشغل نفسها بمواقع
التواصل الاجتماعي، فكانت تعلق هنا وهناك ،وتنشر
منشوراتها هنا وهناك،وكانت في غاية الفرح والسرور
إلى أن شد انتباهها شاب يضع صورة له على صفحته
الشخصية،كان في قمة. الجاذبية والوسامة،بالاضافة
إلى لطفه العجيب،وكلامه المعسول اللذيذ،فلم تستطع
مقاومة كل هذا حتى أصبحت تتفاعل معه وهو أيضا
يتفاعل معها،حتى تجرأ وأرسل إليها طلب الصداقة
فوافقت ولكنها كانت تتردد من الاقتراب من الخاص
،أما هو كان لديه مايكفي من الجرأة ليحادثها ويقتحم
قلبها الرقيق،فخطف قلبها من أول كلمة كتبها لها
"مرحبا أختي!".
فردت عليه وبخجل شديد "مرحبا أخي!".
أخي وأختي لم تكونا سوى عبارتين عابرتين لتغطية
مافي النفس من لهفة كل منهما لمعرفة الآخر والتعبير
عن الاعجاب،وفعلا لم يمض اسبوعان على التعارف
والحديث المتبادل حتى عبرا عن حبهما لبعضهما وأنهما
قد تعلقا ببعضهما البعض، فكبر حب الشاب في
قلبها حتى أسقط زوجها من قلبها،وفي اليوم
الموعود عاد زوجها فرحا ليأخذها معه قابلته
بوجه عبوس وغاضب،وأخذت تصرخ في وجهه:
أنا لا أريدك!
أنت لا تحبني!
لقد ظلمتني طلقني !.
شعر زوجها بأن قلبه سيسقط عند قدميه ،حتى خانه
التعبير ما هذا ؟!
مالذي يحدث؟!
مالذي غيرك معي؟!
أخبريني!
إلا أنها لم تجبه وتركته وذهبت إلى غرفتها،
وانتظرت العشيق الفيسبوكي حتى يدخل على الفيس
بوك،ويتبادلان أحاديث الغرام
ولوعة الاشتياق،وهذا الحال في كل يوم يعبران عن
الاشتياق والهيام،ونار الغرام التي تشتعل في قلب شاب
أعزب،وامرأة متزوجة،كيف السبيل؟
وكيف اللقاء؟
ومانهاية قصة الحب المشتعلة هذه؟