أحبها بجنون وقتلها بمدية حادة وسط ذهول الشرطة والعابرين.. البلطجي:
حسين عبدالقادر (القاهرة)
أحبها بجنون فقتلها بوحشية لا تعرف الرحمة.. لكن السؤال بقى مفتوحا.. لماذا تحولت هذه الطاقة الحيوية بكل جمالها وروعتها إلى قوة تدميرية عمياء لتزهق روح الحبيبة ذبحا بالسكين على قارعة طريق مزدحم بالمارة والسيارات ودورية الشرطة وسط ذهول العابرين. سيرة القاتل تقول انه لم يعرف معنى الحب قبل ان يراها فحياة «البلطجة» والصراع من أجل لقمة العيش لم تترك له فرصة للإصغاء إلى مشاعره ونبضات قلبه.
خطفت عقله
لكن هذه المشاعر تسللت إلى قلبه عندما شاهد القتيلة جوار والدها بائع الفول فخطفت قلبه من أول نظرة رغم صغر سنها.. حيث أغرته براءتها وعفويتها بالتمادي في هذا الشعور الذي بدأ اعجابا مفرطا من طرف واحد لكنه زعم فيما بعد انها كانت تبادله نفس المشاعر. ومع ذلك فقد تردد كثيرا قبل ان يقدم على طلب الزواج منها لكن والدها رفضه بشكل قاطع لا يقبل التأويل معللا ذلك بسوء سمعته.. فقد كان معروفا بأنه «بلطجي» احترف اللصوصية وحياة الليل منذ صباه الباكر.لم يستسلم البلطجي لرفض والدها وهداه تفكيره لاختطافها واغتصابها لإرغام والدها على تزويجه إياها.
لفظته فلاحقها بالسكين
وبالفعل قام باختطافها لكنها قاومته بشراسة وافلحت في الهرب من براثنه دون ان يمسها بسوء.. ليختفي بعد ذلك لفترة ظنت خلالها أنها تخلصت من كابوس مخيف.. لكنه كان يراقبها من على بعد متحينا الفرصة للانقضاض عليها لخطفها مرة أخرى.. وهذا ما حدث بالفعل وفي اليوم الذي قرر فيه تنفيذ جريمته.. كان يراقب منزل أسرتها متخفيا وعقب خروج والدها للعمل داهم المنزل وقبض عليها وسط ذهول والدتها وشقيقاتها ومما زاد المشهد ترويعا أنه وضع السكين على رقبتها واقتادها هاربا. كان ذلك في السابعة والنصف صباحا حيث اصطحبها إلى محور 26 يوليو بجانب ميدان لبنان.
الضحية تتوسل قاتلها
أثار منظر الفتاة في قبضة البلطجي والسكين تكاد تلامس رقبتها الهلع وسط المارة كانت وهي ترتجف في قبضته ونصل السكين مسلطا عليها مقطعا سينمائيا مريعا خصوصا انه كان يتوعد كل من يقترب منهما بانه سيقوم بذبحها.. تراجع كثيرون كانوا يفكرون في الهجوم عليه عندما شاهدوا نصل السكين يكاد ينغرس في رقبتها.. اكتفوا بتطويقه وهو يبحث عن سيارة تقلهما الى بلدته في الفيوم فيما كانت الفتاة المفزوعة تستعطفه متوسلة اليه ان يطلق سراحها وهي تقول له «أبوس يدك يا يحيى أتركني وأنا حتجوزك» لم يعر البلطجي اهتماما لتوسلاتها فقد كان مشغولا بتنفيذ خطته مهما حدث.
مرت احدى سيارات الأمن المركزي صدفة بالمشهد المروع فتوجه الضابط الذي كان في السيارة محاولا التفاهم مع يحيى ليترك الفتاة وشأنها لكن البلطجي صرخ قائلا: لن أتركها أبدا.. دي ملكي قلبها وحياتها لي وحدي.. لن يأخذها أحد سواي ولو لم أحصل عليها فلن يحصل عليها أحد.
نهاية دامية
أنهى كلماته ونفذ وعده حيث ذبح الفتاة كالشاة.. وسط ذهول الحاضرين كانت الدماء تتفجر من رقبة الفتاة وقاتلها ينظر الى يديه الملوثتين بالدماء.. كما لو أنه لا يصدق عينيه.. هجم عليه المارة للفتك به لكن الضابط وأفراد الشرطة سارعوا للقبض عليه وتسليمه للعدالة.
القاتل كان يترصد أسرتي
«عكاظ» زارت منزل المجني عليها والتقت بوالدها المنزل عبارة عن غرفة صغيرة في بدروم احدى العمارات بجانب مسجد بمنطقة ميدان لبنان.. لكن الحزن كان أكثر حضورا من مظاهر الفقر.. وعندما حاولنا الحديث معه حول الحادثة كانت الكلمات تخرج من بين شفتيه متثاقلة ببطء كما لو كان لا يريد ان ينكأ الجراح حيث قال كنت أتمنى ان أكون موجودا في البيت عندما اقتحمه واختطف ابنتي.. للأسف كان يعرف موعد خروجي الى العمل لانه كان يعمل معي سابقا واستغل غيابي ليكسر الباب ويختطفها ويرتكب جريمته.
ولكن لماذا لم توافق على زواجها منه؟
رفضت طلبه لانه بلطجي معروف كان يفرض اتاوات على عدد من البسطاء الذين يخافون بطشه كما سبق ان سرقني أكثر من مرة.. ولهذا كان يستحيل ان أأتمنه على ابنتي.
محاولة فاشلة لسرقة الشرف
هل حاول اختطافها من قبل؟
- نعم.. خطفها ليسرق شرفها.. ولكن ابنتي قاومته وهربت منه.. وعندما اخبرتني بما حدث.. تقدمت ببلاغ للشرطة.. ولكنه هرب وظل مختفيا لفترة طويلة حتى ظننت اننا تخلصنا منه للأبد، وانه صرف النظر عن الزواج بابنتي.. لم أكن أعرف ما يخطط له.
الأمنية الأخيرة
التقيت بالقاتل داخل سراي النيابة.. كان ممسكا بصورة يحتضنها بقوة وهو يبكي بحرقة.. اقتربت منه سألته عن الصورة فلم يجبني استمر في البكاء لثوان قبل ان ينظر اليها ثم يجهش في البكاء.. اختلست النظر إلى الصورة التي في يده.. كانت صورة القتيلة.. «حبيبته» التي ذبحها بيديه.. انتظرت بضع دقائق حتى توقف عن البكاء.. وسألته ما الذي تتمناه في هذه اللحظة فأجاب: القصاص العادل.. لن ارتاح حتى ارى حبل المشنقة حول رقبتي.
عربة الفول
إذا كنت تحبها لهذه الدرجة.. لماذا قتلتها؟!.
- هذه قصة طويلة.. بدأت منذ ثلاث سنوات، عندما رأيت نورا تقف بجانب والدها تساعده في عمله كبائع على عربة الفول بميدان لبنان.. اعجبت بها رغم صغر سنها.. تقربت اليها وشعرت انها تبادلني نفس المشاعر.. ذهبت إلى والدها وطلبت لأعمل عنده.. كان كل هدفي هو ان أكون قريبا منها، لكن عندما بدأت اعمل امتنعت هي عن الوقوف بجوار والدها.. افتعلت أي موقف لكي اذهب إلى منزلها لأراها فقط.. وذات يوم طلبتها للزواج.. رفض والدها وطردني من بيته كما طردني من العمل عنده.. لم ايأس.. سافرت إلى قريتي بالفيوم وعملت هناك في مجال المعمار.. وتمكنت من جمع مبلغ كاف لاشتري «الشبكة» وعدت إلى والد حبيبتي لأكرر طلبي بالزواج منها.. لكنه اصر على الرفض وطردني للمرة الثانية من منزله