اتخذت شبكة إن بي سي الإخبارية الأمريكية قرارا مثيرا للجدل عندما أصدرت أمرًا بالمغادرة الفورية لمراسلها في غزة أيمن محيى الدين، الذي كان شاهد عيان على استشهاد أربعة أطفال فلسطينيين خلال لهوهم على أحد شواطئ غزة، على أيدي قوات إسرائيلية، والاعتماد على مراسلها في تل أبيب ريتشارد إنجيل في تغطية الأحداث.
ووفقا لموقع ذي انترسيبت الأمريكي، فإن محيى الدين شارك الأطفال لعب الكرة قبل دقائق من استهدافهم، وأعد محيى الدين تقريرا عن الواقعة، كما نقل العديد من التفاصيل عبر تويتر، لكنه تلقى بعدها أوامر من مسؤولي القناة بمغادرة غزة مباشرة، والاستعانة بمراسل آخر يدعى ريتشارد إنجيل، مع منتج صحفي أمريكي لا يتحدث العربية.
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن الشبكة بررت أوامرها لمحيى الدين بمغادرة غزة بمخاوف أمنية في ظل قرار تل أبيب بشن غزو بري على غزة، لكن ذلك لا يبدو مقنعا في ظل تسريبات عن غضب بعض موظفي إن بي سي من القرار.
وتابع أن محيى الدين، المصري الأمريكي، ذو خبرة عميقة في نقل تقارير في المنطقة، كما قام بتغطية العشرات من الأحداث الكبرى في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير لكل من "سي إن إن"، و "إن بي سي"، و"الجزيرة الانجليزية، وتألق في تغطية الاعتداءات الإسرائيلية على غزة 2008.
ونقل محيى الدين عبر حسابه على تويتر تفاصيل القتل الوحشي للأطفال الذين كانوا يلهون على شاطئ غزة، قبل أن تستهدفهم زوارق عسكرية صهيونية، وكتب أنه كان يتناقل الكرة مع هؤلاء الصبية قبل لحظات من الواقعة، وأورد تفاصيل عن أعمارهم وأسمائهم، وصورًا لأولياء أمورهم، ورد فعل إحدى الأمهات بعدما تنامى إلى علمها نبأ استشهاد طفلها الصغير، كما أجرى لقاءات مع أطفال مصابين قبل دخولهم غرفة العمليات، فضلا عن سرد تفاصيل ما شاهده لقناة "إم إس إن بي سي" الأمريكية.
وأفادت تقارير بأن الشبكة الأمريكية مارست ضغوطا على محيى الدين لحذف بعض التغريدات المتعلقة بالاعتداءات الإسرائيلية.
وأضاف الموقع الأمريكي: "بالرغم من ذلك السبق الذي انفرد به محيى الدين، أو ربما بسببه، لم يظهر في برنامج "نايتلي نيوز" الذي يقدمه بريان ويليامز على شبكة إن بي سي"، بل استعانت الشبكة بريتشارد إنجيل، في نقل تقارير الاعتداءات الإسرائيلية.
ونقل عن أحد المصادر قوله إن القرار الذي اتخذته إن بي سي تسبب في إثارة غضب بعض موظفي الشبكة الأمريكية التي أصدر مديرها التنفيذي ديفيد فيردي أوامر لمحيي الدين بمغادرة غزة في الحال.
وكان المذيع الأمريكي جون ستيوارت قد وجه انتقادات لاذعة عبر برنامجه الساخر الشهير " ذا ديلي شو" إلى التحيز الإعلامي الغربي ضد أهل غزة، وعدم نقل الحقيقة كاملة، كما انتقد دعوات السلطات الإسرائيلية أهل غزة بالإخلاء متسائلا إلى أين يذهب هؤلاء في ظل الحصار الإسرائيلي، وإغلاق مصر شبه المستمر لمعبر رفح، وتساءل متهكما: "هل يقفزون في البحر مثلا؟
وتحت عنوان "علامات استفهام تحيط بقرار إبعاد مراسل إن بي سي من غزة"، نوه موقع هافينجتون بوست إلى التغطية المميزة التي قام بها محيي الدين خلال اعتداءات إسرائيلية سابقة على غزة في 2008 و2012 .
وأضاف أن ريتشارد إنجيل قام بتغطية واقعة استهداف أطفال غزة من موقعه في تل أبيب.
وسرد سيرة ذاتية مختصرة لمحيي الدين، وكيف أنه بدأ حياته المهنية في العمل لشبكة "ان بي سي نيوز" في واشنطن عام 2001، ثم عمل فيما بعد لدى الشبكتين الأمريكيتين "فوكس نيوز" و سي إن إن"، وانضم للجزيرة الانجليزية بعدها، وبزغ في تغطية ثورات الربيع العربي عام 2011، واختارته مجلة تايم في أبريل من ذلك العام ضمن أكثر مائة شخصية مؤثرة في العالم، قبل أن تعيده ان بي سي مجددا للعمل معها منذ أغسطس 2011 .
وكان الصحفي البريطاني أوين جونز قد قال في مقال له بصحيفة الجارديان: "الحقيقة المروعة تتمثل في أن الإعلام الغربي يعتبر حياة الإسرائيلي أكثر قيمة من أرواح الفلسطينيين، ويصنف الموت في مراتب طبقية".
وضرب جونز مثالاً بتغطية هيئة الإذاعة البريطانية لأحداث الصراع الحالي، حيث كان عنوانها "إسرائيل تحت هجوم مجدد من حماس"، واعتبر الكاتب أن مثل هذا المانشيت يبدو شاذًا، مشبهًا ذلك بمشهد عبثي يضرب فيه الملاكم العالمي السابق مايك تايسون رضيعًا، ثم يتم وصف المشهد بأن "الطفل تشاجر مع تايسون".
ونقل الكاتب عن الناشطة الحقوقية الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف قولها في تغريدة على تويتر: “نحن نُستهدف بصواريخ لا قيمة لها، بينما نَستهدف الغزاويين بقنابل ثقيلة، لدينا ملاجئ وصفارات إنذار وقبة حديدية، بينما لا يملكون هم شيئًا".
وأضاف الكاتب: “ليس ذلك دفاعا أو تقليلا عن إطلاق حماس لصواريخ على مناطق مدنية، حيث يتسلل الخوف في أوصال الإسرائيليين بمجرد سماع صافرات الإنذار، لكن التغطية الإعلامية نادرا ما تعكس الحقيقة، وهي أن قوة عسكرية عظمى مثل إسرائيل، مدججة بمقاتلات "إف 15” “أباتشي إيه إتش 64”، وصواريخ دليلة، وطائرات بدون طيار طراز IAI Heron-1 وصواريخ أريحا2، وقنابل نووية، تواجه ما وصفه ديفيد كاميرون بأنه أشبه "بمعسكر سجن"، حيث لا يطلق على إسرئيل إلا صواريخ عديمة التأثير".