( بشارةٌ للذين يصلون الفريضة هذه الأيام في البيوت وكانوا قبل ذلك محافظين عليها في المساجد ، أن الله لن يضيع أجرهم وسعيهم ، بل يكتب لهم أجر الجماعة كاملا وهم في بيوتهم ، وفضل الله تعالى واسع ).
----------------------------------
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : ( إذَا مَرِضَ العَبْدُ ، أوْ سَافَرَ ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ).
رواه الإمام البخاري في صحيحه برقم : ( ٢٩٩٦ )
----------------
شرح الحديث :
قَوْلُهُ : ( إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ )
فِي رِوَايَةِ*هُشَيْمٍ*" إِذَا كَانَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْ ذَلِكَ مَرَضٌ " .
قَوْلُهُ : ( كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا )
هُوَ مِنَ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمَقْلُوبِ ،
فَالْإِقَامَةُ فِي مُقَابِلِ السَّفَرِ
وَالصِّحَّةِ فِي مُقَابِلِ الْمَرَضِ ،
وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ يَعْمَلُ طَاعَةً فَمُنِعَ مِنْهَا وَكَانَتْ نِيَّتُهُ لَوْلَا الْمَانِعُ أَنْ يَدُومَ عَلَيْهَا.
انتهى ملخصا من فتح الباري للحافظ ابن حجر ( ٢ / ٥٨٥ - ٥٨٦ )
-----
قال الإمام ابن سعدي رحمه الله تعالى :
" هذا من أكبر منن الله على عباده المؤمنين :*أن أعمالهم المستمرة المعتادة إذا قطعهم عنها مرض أو سفر كتبت لهم كلها كاملة ، لأن الله يعلم منهم أنه لولا ذلك المانع لفعلوها ، فيعطيهم تعالى بنياتهم مثل أجور العاملين مع أجر المرض الخاص ، ومع ما يحصل به من القيام بوظيفة الصبر ، أو ما هو أكمل من ذلك من الرضى والشكر ، ومن الخضوع لله والانكسار له ،*ومع ما يفعله المسافر من أعمال ربما لا يفعلها في الحضر : من تعليم ، أو نصيحة ، أو إرشاد إلى مصلحة دينية أو دنيوية ، وخصوصا في الأسفار الخيرية، كالجهاد ، والحج والعمرة، ونحوها.
ويدخل في هذا الحديث :*
أن من فعل العبادة على وجه ناقص وهو يعجز عن فعلها على الوجه الأكمل ، فإن الله يكمل له بنيته ما كان يفعله لو قدر عليه ، فإن العجز عن مكملات العبادات نوع مرض ، والله أعلم.
ومن كان من نيته عمل خير ، ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه ،*
ولا يمكنه الجمع بين الأمرين :*
فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه ، بل لو اشتغل بنظيره، وفضل الله تعالى عظيم.
انتهى.
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار
( ص : ٧٣ ) لابن سعدي ، ( المتوفى سنة : ١٣٧٦ هجري ) ط/ وزارة الأوقاف.
------
قلت :
وهذا الحديث يدخل أيضا في الذي يصلي في بيته هذه الأيام فله أجر صلاة الجماعة ، وفضل الله تعالى واسع.
قد يقول قائل : الحديث نص على المريض والمسافر ؛ كيف هذا صحيح مقيم؟
الجواب :
صحيح مقيم لكنه ترك صلاة الجماعة : استجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وسمعا وطاعة لولاة الأمور الذين أمروا بإغلاق المساجد بفتوى الصادرة من هيئة كبار العلماء في كل بلد من بلاد المسلمين ، وبتوصية من أهل الاختصاص من الأطباء لمنع انتشار هذا الوباء الخطير ( كورونا ) خوفا على سلامة المسلمين.
ونسأل الله تعالى المولى الكريم أن يكشف الغمة عن الأمة وأن يصرف عنا هذا الوباء الكورونا وعن جميع المسلمين إن ربي لسميع الدعاء.
وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
-----
وكتبه الراجي عفو ربه/
عبد الله بن محمد الحمومي.