بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى :
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97]
هذا وعد الحق سبحانه ومن أصدق من الله قيلا،
فالإنسان المؤمن بحق والذي يحيا لعبادة الله بالعمل الصالحفالعمل الصالح هو العبادة التي خلقنا الله لأجلها، قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [ الذاريات:56]إذ إن العبادة تشمل كل الأعمال الصالحة التي يحبها الله سواء كانت قولية أو فعلية، أم كانت بالقلب أو بالجوارحفكل ما يرضى الله هو عمل صالح وهو عبادة .لكن التساؤل أن من الأخيار الأطهار الذين يكثرون من الصالحات ويجتهدون في الطاعاتتجدهم وقد وقعت بهم ابتلاءات وأزماتفماذا عن الحياة الطيبة التي وعد الله بها عباده المتقين؟هذا يرجع إلى فهم معنى الحياة الطيبة،
فالحياة الطيبة هي التي يحيا فيها المؤمن راضيًا عن ربه متقبلًا لقضائه وقدره
مهما توالت عليه المصائب، فهو يحسن الظن بالله وموقن أن له عند الله ما هو أبقى وأعظم،فهو بتعبير العصر يحظى دائمًا بما يٌسمى السلام الداخليفلا سخط على الرب ولا حسد للخلق ولا غل في نفسه للآخرين،حياته كلها لمرضاة الله ولشكره على فيض نعمهوأهمها نعمة الإيمان وعلى منه له بالعونّ على عبادتهوكما يقال شكر النعمة هو نعمة أخرى وقد ورد فى القرآن دعاء النبي سليمان عليه السلام حيث سال الله ان يلهمه شكر النعمةحتى أصبح من المستحب اأن يدعو المسلم بدعاء مماثل حين يبلغ أشده؛ وذلك من قوله تعالى:{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى? وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف:15]وهذا رابط جديد في المسألة ألا وهو سيرة الأنبياءفقدورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : «أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ الصالحونَ ، لقدْ كان أحدُهم يُبتلى بالفقرِ حتى ما يجدُ إلا العباءةَ ، يجوبُها ، فَيَلْبَسُهَا ،و يُبتلى بالقملِ حتى يقتلَه ، و لَأَحَدُهُمْ كان أشدَّ فرحًا بالبلاءِ من أحدِكم بالعطاءِ»(الراوي : أبو سعيد الخدري. صحيح الجامع ؛رقم 995)فالحياة الطيبة إذًا هى الفوز بمشاعر الأمن والسكينة والرضاوليست كثرة العرض والحظ الوفير من متاع الدنيا،والدليل نراه متجسدًا في نموذجين من البشرالنموذج الأول يمتلك كل شئ ولكن فقره بين عينيه فهو في حالة دائمة من اللهث وراء الدنيا و في غفلة عن الآخرة،أما النموذج الثاني فهو قد لا يصل إلى حد الكفاف لكنه مستمتع بأقل القليل يستمد سعادته من حسن علاقته بخالقه.والقول الفصل هو أن الحياة الطيبة شعور نفسيمصدره قوة صلة العبد بربه والاطمئنان بقربهبقلب يملؤه التفويض والتوكل والتسليم.