الدرج

الدرج

أنا.. أشعر بدوار شديد في رأسي و أرتعش.

أطرافي باردة، وكأني داخل مقبرة أستلقي على نعش..
رئاتاي تختنقان، تبا أما من هواء منعش ..
إستيقظت من حلمي أصرخ وانا أحدق في الظلام إلى الدرج أمامي
هناك شعاع ضوء يتسلل من النافذة، هل هو حقيقي أم مجرد وهمٍ.
لست أعرف ..
رفعت قدمي بتثاقل وانا أتذكر أمي، لابد وأنها الآن تشاهد أحلامي..
عجبا إني أتساءل إن كان هناك من وصل إلى الهدف قبلي؛
فأنا لا أحب النهايات التعيسة لأنها ترهق تفكيري...
فلست أكثر من طفل بريء يحب اللهو .. هااااه، وها أنا أمسك الكرة بين يدي مجددا وأنا أتذكر ذلك البهو؛
فقد قضيت فيه أسعد أيامي عمري مع المتيمة نتعلم الطهو.
لكن يا أسفي، فلم أنتبه أنها كانت تتعلم كيف تسلخ جلد قلبي.
كان الأمر بالنسبة لها أشبه بتعلم حل سؤال فلسفي..
المجنونة أعتقدت أني لعبة طفل.. في حين أني مجرد مغفل حظر أسخف حفل..
رفعت قدمي نحو الدرجة الثالثة..
أحسست ببرودة في أطرافي، وارتكبت أكبر حادثة، لقد دست على حشرة لزجة، لم أصرخ ولم تصرخ هي. الحشرة المسكينة كانت تحاول العبث، ربما أعتقدت أني صديق سيخرجها من البؤس انحنيت وقلت لها وانا أضحك بخبث..
اخبريني هل أنت أيضا، قاموا بسلخ جلد قلبك؟
لم تجب ..
اللعينة كانت تستمتع بآخر لحظاتها.. تابعت السير بمرح، وقفت أعلى الدرجة الخامسة، وكأني أقف على المسرح؛ ثم خاطبت الجمهور بفخر :
- أنا هنا اليوم لأمتعكم، سوف تضحكون حتى تتقيئوا أمعاءكم
أرهفت السمع ..
لا أحد يهتف، وكأن أمرا أخرسهم من الحاكم.. هااااه، اللعنة، هل يجب أن أمثل المسرحية وحدي، لكن من يأبه إن كانت العائلة الملكية هنا
فعل الأقل سوف أحضى بالشهرة.. أكملت المسرحية، ولم يصفق لي أحد. وبدلا من التصفيق سمعت زمجرة أطلقها أقوى ملاكم؛ ليكرمني بأقوى لكمة، فطرت حتى الدرجة العاشرة.
مهلا .. إني أسمع صوتها، إنها تهتف بإسمي!
أحمق ، بل تهتف بإسمه !
من؟
الشخص الذي يقف وراءك ..
إلتفت إليه، والتقت عينانا.. فقال غاضبا ، أتريد أن تشاركني نصري، ألست تخشى غضبي، أم أنك مجرد أحمق عصبي!! كدت أضربه، لولا أنه أخرج سكينا. تبا ياله من جبان !!
أسرعت أعتلي الدرجات وأنا أنظر خلفي ..ونجوت
الدرجة الخامسة بعد العشرة، لا أحد، الفراغ والسكون فقط.. سمعت صوتا ، يخبرني أن أستمع لقلبي، اهههه.. أي قلب يقصد هذا الأحمق !
لابأس سامحه إنه مجرد أخرق.
هو لا يعلم أن قلبي لم يعد يصلح لشيء، عدا أنه يحافظ على الدورة الدموية اللعينة بشكل ممتاز ،
لكن هل للقلب صوت ؟
أههه يالى تفاهتهم؛ اذا كان لديه صوت فأي لغة يتحدث، أخبروه أن يتعلم الحروف العربية؛ فأنا لاأجيد العبرية.. و من وسط الظلام قفز أحدهم، إعتقدت أنه خرج من وسط الركام ، فهل ياترى كان يشعر ببعض الهيام، اللعنة لا، لا، إنه ينوي التخلص من ذاك المجنون ..
أخرج خنجره و ، صوبه نحو قلبي في الجهة اليسرى.
ضحكت بهيستيريا وأنا انفض تلك الذكرى.
-أيها الابله، ألا تعلم أن قلبي أصبح في الجهة اليمنى؟! أم أن تلك مجرد نزوة أخرى!!
الدرجة السابعة بعد العاشرة ..
أقف بين مجموعة من الأشخاص ، إنه عرسي؛ هاأنا أنتضر حبيبتي التي سوف تصبح زوجتي بعد لحظات..
وهاهي تظهر في أبهى الحالات، فتعجز المفردات أمامها، ويتوقف المنطق عن الإثبات، لكن تبا هل تحتاج البديهيات إلى إثبات، فمن المستحيل أن يكون ذلك مجرد خيالات، فهي شيء تقبع وراء المحسوسات.. تقدمت نحوها، وتقدمت نحوي في ثبات، ابتسمت لي وقالت ياشقي: ألن تتوقف عن الركض كما المجنون، أم هذه حالة من الفتون، قلت والأفكار تتصارع في داخلي كالطاحون، وكأنني مخدر بالأفيون: إلى أي حد تعتقدين ذلك يا أبهى الفنون؟ هل الى الحد الذي أبدوا لك كالمخبول؟! أحنت رأسها وهي تقول في خجل: بل إلى الحد الذي أعتقد فيه أنك بطلي.. ألا تسمع الصوت داخلي !!
صعدنا الدرج معا، ونحن نضحك ونبكي، نفرح ونحزن، نتألم وننتشي..
الدرجة الخامسة بعد الثلاثين.. ونحن نعالج أنفسنا بالتراميسين، فهل يمكنكم التخمين!! إلتهاب حاد قد أدى بحياتها، فالتاء بعد الميم والواو قد أخذها مني! أكملت الدرج وحدي، هالات سود تحت عيني، جسم هزيل، شعر أبيض، عظام هشة.. أصبح ذلك كل ما أملك، بعدما أصبحت أدور في ذات الفلك، وصوت في رأسي يخبرني أني هالك، إستجمعت قواي رغم أنفه ثم تابعت الطريق.
الدرجة الخمسون، و ها أنا أخرق كل قانون بالرغم أن جسدي أصبح كالكامون، أفكر في المجهول، وأنتشي وكأنني أسد وحشي..
لم يعد هناك مايهمني، أفكر بها فقط، أريد رؤيتها بأي ثمن، ولو كان ذلك على حساب الزمن.
الدرجة الأخيرة..

صداع حاد في رأسي، قلبي ينبض بصعوبة، ثم يأتيني الموت على شكل أطرف أكذوبة.

نورت اخي العراب..شكرا لمشاركتك
الدرج Images?q=tbn%3AANd9GcQmJzy4vewE6gvBsaMsioPylduVAcAQH_lQdg&usqp=CAU