يأتي الخريف هادئا مترددا في بلادنا كأنه يقدم قدما
ويؤخر الاخرى لكنه يأتي اخيرا ويصحب في سمائه
الرمادية سحب الحزن المتنائرة ولدى بعض الناس
وانا منهم يأتي الخريف بمسحة من اكتئاب خفيف أو
ثقيل يتسلل الى الروح كل خريف أظل اكابر وأعاند
الاعتراف بأن هذا الفصل يسبب لي الكآبة أدافع عنه
أمام نفسي كأنه شخص عزيز علي , قريب من قلبي ..
ولا اريد ان اظن به سوءا لكن الحقيقة ان كل خريف اجدني
ادخل في الرمادي اظل اقاوم اقاوم حتى الاعتراف بهذا الحجر
الثقيل الذي يقذف به الخريف فوق قلبي وبرغم ذلك انا اعشق
الخريف , انه يدخلني الى روحي اجد من السهل في الجو الدامع
ان ادخلني اجلس مرتاحة حتى على رغم الكآبة , واتامل مرور
السحب في الخريف اتذكر من رحلوا بسهولة , بل هم من ياتون
لزيارتي بشكل او بآخر في حلم او صحو في وجه مالوف في ذكرى
عابرة محملة بعبق الريحان الكثيف ..
في الخريف تسقط اوراق الاشجار , تتعرى بشجاعة من اقترب
من رقبته نصل البرودة القاسي هكذا ببساطة تمنحنا الطبيعة درسها
الاكبر ان نقبل تعاقب الفصول , ان نودع شهور الشمس بعض
الوقت ان ننتظر بصبر بهجات الربيع الملونة عندما يحين اوانها لا
يمكن لاحدى الاشجار ان تتشبت باوراقها وخضرتها فالاشجار
امينة مع حكمة الحياة حافظة لها , هل بامكاننا نحن البشر ان
نودع الاحبة بنفس الهدوء , ان نترك وراءنا لحظات وشخوصا
وتجارب بل ومراحل كاملة من حياتنا مركزين ابصارنا على
ماهو آت ؟ فقط هم الحكماء بيننا من يعرفون السر , من
يملكون قوة تصديقه والايمان به . ويالسعادة الحكماء وهدوء
ارواحهم , كل منا يجلس متأملا تساقط أوراق الخريف هل لان
التامل هذا هو بوابة العبور نحو الذات ؟
للخريف موسيقى ناعمة تنساب بهدوء من تساقط أوراق الشجر
من مرور الهواء البارد , قليلا فوق الفروع وسطح المياه ونجوم
المساء اللامعة جدا للخريف موسيقى النايات التي تصاحب حالة
التخلي الرائعة ....
التي تمارسها الطبيعة وهي تخلع رداءها البهي لتصبح
فقيرة من جديد لكنها على يقين بالعودة والتجدد هل
يمكن ان نستلهم بعض هذا اليقين من موسيقى الخريف
ومن رحلة التخلي كي نهدأ قليلا ونبطئ من خطواتنا اللاهثة
وننظر الى الجميل خارجنا وفي الداخل ؟ اما حزن الخريف
فهو أحد تجليات الجمال فينا . في الحزن جمال نبيل , جمال
هادئ جمال يشبه مزاج الخريف , كانهما توأمان
انني اعشق الخريف ذاك الشهر اللذيذ عاشق له ولوكنت
طيرا لحلقت عاليا في أرجاء الارض باحثا عن كل خريف ....
مما راق لى