يمشي المرء في الدنيا فقط بألطاف الله..
يظل قويًا طالما لم تضعه السماء في موقف ينكشف فيه أمام ضعفه..
يضرب أصقاع الأرض عفيًا لأن الأقدار لم تأذن بعد بإنهيار جسده ، ما يزال متباهيًا ، لأن دعوة عابرة قد أصابت طريقها ، فجنبته هوانًا مريرًا..
أنت لست جبانًا لأن الإرادة الإلهية كانت أرحم من أن تختبر بأسك بما يُعجزك ، ومنعمًا لأنه قسّم الأرزاق فأغدق عليك بفائض خيره ، عزيزًا وسط قومك إذ أغشى أبصارهم عن كثير مما يشينك..
في الرحلة القصيرة مهما طالت إلى الفناء يغتر المرء بما يملك ، يظن أنه قد صنع ذاته بيديه ، صموده ينبع من إرادته ، وعزّته مصدرها كفاءة سعيه ، ورخاء حاله من كد يديه ، وسلامة بدنه مردها فرط رعايته..
ولا يعلم أبدًا حقيقة ضعفه البائن مهما حاز وامتلك ، إلا إذا انكشف الستر الإلهي ، فأفصح عما كان يحجب من هم وألم وسقم وبؤس وعناء..
وقتها يصل المرء متأخرًا إلى حقيقة مفادها أن ما كانه ليس منه في شيء ، بل هى ألطاف الله ، التي لم يقدرها حق تقدير ، لكنه في العادة يكون وصول بعد فوات الأوان..
محظوظ من دام ستر الله عليه ، وأكثر حظًا من وُهب نعمة فردها لصاحبها ولم يغتر بنفسه..