(الْعَامُ وَالسَّنَةُ):
وَمِنْ تلك الألفاظ التي يظن كثيرٌ من الناسِ أنها من المترادفِ، وليست كذلك، الْعَامُ وَالسَّنَةُ، فإن الْعَامُ يطلق على الدعة والرخاء، وَالسَّنَةُ تطلق على الشدة والكرب والضيق، ومن ذلك قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ﴾.
فمدة دعوة نوح عليه السلام اشتملت على مشقة في الدعوة وشدة بسبب عناد قوم نوح وسخريتهم واستهزائهم بنوح عليه السلام، وما استراح نوح عليه السلام إلا بعد أن طهر الله تعالى الأرض من رجزهم.
لذلك لما دعا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قُرَيْشٍ لما ضيقوا على المسلمين وآذوا المستضعفين قَالَ: «اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ».
وقال تعالى: ﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾.
فوصف السنن بأنهن شِدَادٌ، ووصف العام بالرخاء وأنه: فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ أي يأتيهم الغوث وَفِيهِ يَعْصِرُونَ من الرخاء والخير والبركة.