داخل المحكمة - وقف المتهم ادم محمد عبد الرحمن داخل قفص الإتهام - ونادى الحاجب - محكمة - وقف الحضور ودخل القضاة وجلسوا فى أماكنهم وجلس الحضور - وأعلن رئيس القضاة الحكم
- حكمت المحكمة حضوريا" على المتهم / ادم محمد عبدالرحمن بالأشغال الشاقة المؤبدة لقتله / نوفل السيد إبراهيم عمدا" مع سبق الإصرار - رفعت الجلسة -- صرخ ادم من داخل القفص - هذا ظلم – أنا بريئ لم أقتل أحد
-وتم إقتياد ادم إلى السجن العمومى -نظر ادم إلى حيث المساجين فوجدهم يعيشون عيشة عادية يتحدثون مع بعضهم البعض ومنهم من يلعب ومن يدخن السجائر ويمارسون حياتهم بشكل طبيعى وكأن السجن هو حياتهم الطبيعيةلكنه بريئ ومن الظلم أن يكون حبيسا" فى هذا المكان - فلم يقتل نوفل - نوفل كان صديقه الحميم وكانوا يقيمون سويا" فى حجرة فوق السطوح
- وفى يوم عاد ادم إلى الحجرة فوجد نوفل قتيل والسكين مغروزا" فى قلبه -السكين عليه بصماته وهذا شيئ طبيعى فهى تخصهم لكنه لم يقتله - لكنهم قبضوا عليه وإتهموه فى قتله وحكم عليه بالمؤبد خمسة وعشرون سنة - هل سيقضى كل هذه المدة فى السجن وهو بريئ
- قال له أحد المساجين وكان شيخ كبير - يا بنى لا تحزن دائما" الأيام الأولى تكون صعبة لكنك ستتعود بعد ذلك وسيصبح السجن هو الحياة الطبيعية
- لكننى بريئ يا عم
- يا بنى قد تكون بريئ عند الله – لكن طالما أنت فى السجن فأنت مذنب فى نظر الناس والقانون فلا تحمل نفسك هم فوق الهم ودع الأيام تمضى فهى تمضى فى كل الأحوال وربما تجد داخل السجن ألفة لا تجدها خارجه وستتعلم هنا أشياء يجهلها من يعيش داخل المدن
-مضت سنة كاملة على ادم وكأنها دهر فهو لا يستطيع التكيف داخل السجن
– وعقد النية والعزم على الهروب - ولكن كيف الهروب وهذا السجن من السجون المنيعة ولم يسبق فى تاريخه أن هرب منه سجين - لكن عليه أن يفكر ويفكر فالموت أرحم له من الإستمرار فى هذا الحبس - ورغم أن حياته فى الخارج لم تكن جيدة لكن على الأقل كان حر - فالحرية لا تقدر بثمن ولا يعرف قيمتها سوى فاقدها
- كان ادم فيما مضى على قدر كبير من الثقافة فى كافة المجالات وحان الوقت لكى يستفيد مما تعلمه وإلا فجميع ما قرأ عنه يكون هباء" منثورا وعبث
- لا بد أن يدرب نفسه على التحكم فى جميع أعضاء جسده نعم على أعضاء جسده أن تكون حبيسة لأفكاره وعلى عقله أن يسيطر على جسده - لن تستطيع أن تخرج من هذا السجن إلا بالموت
- نعم الموت هو السبيل الوحيد للخروج لكننى لن أقتل نفسى بل سأسيطر على قلبى فأجعله يدق ببطئ شديد تجعله أقرب إلى الموت وسأجعل الرئتين تتنفس ببطئ شديد لا يحس وسأهيئ كافة أعضاء جسدى للإقتراب من الموت على ألا تموت
- لكن هذا الوضع يحتاج إلى تدريب طويل
---أستمر ادم فى التدريب لهذا الوضع لمدة ثلاثة سنوات متواصلة – تراه ميتا" لمدة ساعة ثم ساعتين ثم أكثر وأكثر
--وفى يوم صاح السجناء لقد مات ادم - حضر رئيس الحرس ومدير السجن ونظروا إلى ادم وتحسسوا نبضه وأنفاسه فتبين لهم أنه قد فارق الحياة - فدونوا موته ووقع عليها الطبيب الخاص بالسجن دون توقيع كشف بالسماعه وإكتفى بنظرة عامه وعموما" هو سجين مجرم قاتل فقد وفر طعامه وشرابه كما أن ادم ليس له أهل يسألون عليه - لذلك سيتم دفنه فى المقابر الخاصة بالسجن فى مكان بالصحراء
- وحضرت سيارة الموتى ووضع ادم داخلها بلا تغسيل ولا تكفين ولا صلاة جنازة وكأنه كلب يريدوت التخلص منه --وذهبت السيارة إلى حيث المقابر وألقت به وإنصرفت
---وبعد إنصرافهم بدأ ادم فى إستعادة أعضاء جسده للعمل بالحمل الكامل والطاقة القصوى - وهم واقفا"يتمطع ويفرد أزرعه ويلقى ضحكة عريضه على المقابر - ها قد أصبح حرا"
–لكنه عندما تحسس المقابر وجدها مقابر ليست كالتى يعرفها - إنها عبارة عن سراديب داخل أنفاق طويلة ومتعرجه - مشى ادم داخل السراديب فإذا هى أنفاق عنكبوتية يستمر بالسير طويلا" ثم يجد نفسه حيثما كان أو فى مكان شبيه بالذى كان فيه
- ما هذا أين بوابات الخروج هذا المكان الهروب والخروج منه أصعب بكثير من الهروب من السجن - بل هذا المكان فى حقيقته هو مجرد سجن بلا حراسة هذه المقابر فى الأصل كانت من أشد أنواع السجون لن تستطيع فيه الإهتداء إلى بوابات الخروج
- كانوا يدخلون السجين من البوابة حتى إذا مشى فيه يضل الخروج منه ويظل فيه مدى الحياة وكانوا يلقون إليهم الطعام من بعض فتحات ثم يغلقونها ولكى تخرج لابد أن يكون معك خريطة للمكان - الأن المكان أصبح مقابر يلقون فيه بالجثث
- ظل ادم أيام داخل هذا القبو يلف ويدور فيه على غير هدى بلا طعام ولا شراب فقد درب أعضاء جسده على الصبر الطويل - لكنه فى النهاية جلس يستريح فقد أدرك أنه هرب من سجن إلى سجن أكبر منه وأشد وعوره
-- وأثناء جلوسه سمع همهمات وأصوات قريبة فإذا هى سيارة السجن والحراس قد جاءؤوا بسجين مات ليدفونه فى السراديب
فمشى أدم بحذر من خلفهم حتى أدرك بوابة النفق
- فخرج منه فإذا هى الصحراء وضوء الشمس والحرية - فنام على ظهره ونظر إلى السماء مبتسما" –اليوم أصبحت حرا" – وأغمض عينيه ومات وقد عثروا عليه عند دفن جثة جديدة وعرفوه من ملابسه
تابعونا هنا 
زائر 
اليوم في 11:14 من طرف 
عدد المساهمات
تاريخ التسجيل
موضوع: الهروب إلى السجن 
