في مكان ما بين تلك الأنفاق كان يجلس البطل و هو يتابع خطوات الغزاة و همس أكاذيبهم أمام عالم تشظت أطرافه ..
كان يكتب بمسدسه و نظرات قلبه معنى للحياة ..حياة و ليست هباء ..عيناه تحدقان عبر تلك الكوة الى هذا الفضاء..
فيرى أنه باكتمال البياض الى مرتجاه..الأكيد سينهار جور الطغاة..
عازم هو على هزم ليل المعتدين ..عارف هو للطريق و الى القدس منتهاه..
بالنسبة اليه هي استراحة محارب لن يمل و لن يخذل غزه..
بل كان في الإنتظار ، و هو خبير لممرات الحية الرقطاء و آثار جيش بني صهيون ..في البداية أخرج قلمه فكتب وصية قال فيها :
أيها الناس في كل مدينة عربية ، في المقاهي العامرة و أمام التلفاز .. في كل شوارع منسية و أخرى عامرة ..في كل البوادي ..
بين الجبال و السهول و الوديان ..على امتداد هذا الوطن العربي الكبير ..تبحلقون و تتفرجون على مذابح بني صهيون لأهل غزة..
تلوكون بعض الكلمات و مرثية عن القدس و غزة و الحزن .. من فضلكم دقيقة صمت عن اللغو ..حتى نرد عنهم بما يليق ..
أنتم تتفننون بين قصور البلاغات و الخطب المعادة ..تعيدون لمرات عديدة فتح ملف القضية ..فضائياتكم و إذاعاتكم و بلاغاتكم ترسم لون الفجيعة ..
و تبث الإبادة الجماعية للبشر و الحجر ..أطفال من كل الأعمار تقتل و نساء و شيوخ ..و مستشفيات تدمر على رؤوس المرضى ..
و عالم يتفرج ..حيث اختفت كل القيم الكونية التي تغنى بها أصحاب الحضارة الكاذبة ..
و ها أنتم تتفرجون دقيقة بعد دقيقة عن حديث الصدور العارية للطائرات و للمدفعية ..
كيف يشمخ المقاتل الغزاوي و هو يحمل صاروخا أو بندقية .. فيا أيها العرب اتفقوا و احملوا القضية و كونوا سواعدنا التي بها سننتصر..
لسنوات مضت لازلنا نتساءل ، نبحث و نطلب ذاك الأمل/ الشعاع لنسير على هديه ، فليلتنا القادمة جد حالكة و علينا بلا ضجيج أن نسير نحو النصر المبين ...
بعد هنيهة تلقف المقاتل إشارة الخروج للتصدي.. ترك القلم و الورقة و ترك الاستراحة فمضى في الإتجاه المرسوم له ..
كانت مدرعة العدو تزمجر بين أزقة غزة و رؤوس بعض جنود العدو قد أينعت ..
سدد المقاتل صاروخه فأسقطهم بين قتيل و جريح ..
هلل و كبر ثم اختفى بين تلك الأنفاق قائلا علينا بلا ضجيج أن نسير ..