حَمامةَ الدّوحِ في شَدوٍ وَتَلحينِ
حَتّامَ عاذِلَتي في الحبِّ تلحيني
وَكَيفَ أَحمِلُ مِنها العَذْلَ يا أَلَمي
وَالعَذلُ نارٌ بِها في القَلبِ تَكويني
عَلقتُ قَبلَ الهَوى وَالحبّ غانِيةً
فَصِرْتُ عاشِقَها مِن قَبلِ تَكويني
عَشِقتُها قَبلَ تَكوينٍ لِصورَتِها
إِذ كانَ آدَمُ بَينَ الماءِ والطينِ
ما تِلكَ إِلّا جِنانُ الخُلدِ مَولدُها
أَما تَراها بَدَت مِن حُورِها العينِ
ضلَلت عَنْ رُشدي مِن نورِ طَلعَتِها
وَكانَ لِلفيّ فيها النورُ يَهديني
هَيفاءُ كَالغُصُنِ المَيّادِ في فَننٍ
تَهتزُّ ليناً لِتَعليمِ الأفانينِ
إِنَّ المَجانينَ قَيسٌ كانَ واحِدَهم
وَإِنّني في الهَوى كُلُّ المَجانينِ
خَلَعت قَيدَ حَيائي حينَما ظَهَرت
حَتّى دَعَتني لِفَخري أَنتَ مَجنوني
وَبِعتُ فيها حَياةَ الرّوحِ في ثَمَنٍ
بَخْسٍ فَكُنتُ بِبَيعي غَيرَ مَغبونِ
لَقَد جَفَتني جَفاءً ما لَهُ سَببٌ
فَأيُّ شَيءٍ ترى في هَجرِ مِسكينِ
لَعلّها قَد رَأَت ذَبحَ الكئيبِ بِهِ
حَيثُ الجَفا ذابحٌ مِن غَيرِ سِكّينِ
تَملّكتَ عَقلَ صَبٍّ فيهِ قَد لَعِبَت
وَأَودعَت قَلبَه في نارِ سِجِّينِ
وَكانَ فيها أَخا وَجدٍ عَلى وَلَهٍ
إِذ خاطَبَته بِلفظِ الكافِ والنونِ
يا دُرَّةَ الحُسْنِ ما هذا البعادُ فَقَد
كوَيت قلبَ كئيبٍ فيكِ مفتونِ
وَأَنتَ دَوحَةُ إِحسانٍ إِذا عطَفت
تَهتَزُّ ناثِرَةً لِلرّفق وَاللّينِ
لَقَد سَجنتِ اِبنَ فَتحِ اللَّهِ يا أَسَفي
في سِجنِ هَجرٍ بِهِ إِذلالُ مَسجونِ