يحكى أن الشاعر علي بن الجهم قدم ذات يوم إلى بغداد - وكان بدوياً جلفاً - فدخل على الخليفة المتوكل وأنشد فيه قصيدة قال فيها :
أنت كالكلب في حفظك للود
وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمنـاك دلـواً
من كبار الدلا كثيـر الذنـوب
فعرف المتوكل حسن مقصده وخشونة لفظه ، وذلك لأنه وصف كما يرى في البادية ، فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة فيها بستان يتخلله نسيم لطيف والجسر قريب منه ، فأقام ستة أشهر على ذلك ثم استدعاه الخليفة فأنشد :
عيون المها بين الرصافـة والجسـر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
خليلـي مـا أحلـى الهـوى وأمـره
وأعرفنـي بالحلـو منـه وبالـمـرَّ
فقال المتوكل : انظروا كيف تغيرت به الحال، والله خشيت عليه ان يذوب رقة ولطافة.