آداب الحج
ومن عزم على الحج فعليه أن يراعيَ أمورا، من هذه الأمور:
التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، والتوبة لا تكون نصوحا حتى تستكمل شروطها. هي: الإقلاع عن المعاصي أو المعصية التي يكون الإنسان متلبسا بها. وثانيا: الندم على ما مضى. وثالثا: العزم على عدم العودة إلى هذه المعصية والمعاصي مرة أخرى، وإن كانت مظلمة.. كانت بينه وبين الناس مظلمة للناس فلا بد إلى رد المظلمة إلى أهلها، إن كانت تتعلق بالبدن فلا بد أن يسلم نفسه حتى يصطلح مع من ظلمه، أو مالا يسلم المال إليه، أو عرضا يستحلهم منه، وكذلك أيضا على الإنسان أن يراعي ما عليه من الديون والودائع يكتبها ويقضي ما عليه من الودائع ومن الديون قبل أن يحج.
وعليه كذلك أن ينتخب من ماله نفقة طيبة من مال حلال خالص من الحرام والشبهة ليحج به؛ لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا كما ثبت في الحديث الصحيح في حديث مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وجاء في الحديث: أن الرجل إذا خرج من النفقة الطيبة ووضع رجله في الغرز نادى منادٍ من السماء: نفقتك طيبة وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الخبيثة ووضع رجله في الغرر نادى منادٍ من السماء: زادك حرام ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور . والذي يحج بالمال الخبيث الذي كسبه من الربا أو الرشوة أو جَحْدِ حقوق الناس، أو تَنْفِيقِ السلعة بالحلف الكاذب أو الغش والخداع أو غير ذلك فهو في الحقيقة لم يحج وإنما الذي حج مركوبه المركوب هو الذي حج كما قيل:
إذا حججـت بمـال أصلـه سحـت | | فما حججـت ولكـن حجـت العيـر |
ما يقبـل اللـه إلا كـل صالحــة | | ما كـل من حـــج بيـت اللــه |
ولهذا قيل: الركب كثير والحاج قليل. الركب الذين يركبون ويذهبون إلى مكة كثير، ولكن الحاج الذي يحج كما أمر الله وكما أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- قليل، كما قيل: المصلي كثير والمقيم للصلاة قليل. الذين يصلون كثير، لكن الذي يقيم الصلاة ويؤديها بشروطها وخشوعها وهيئاتها كما أمر الله وكما أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-: صلوا كما رأيتموني أصلي قليل، فالمصلي كثير والمقيم للصلاة قليل، والركب كثير والحاج قليل. ومن ذلك أن على الإنسان أيضا أن يراعي الرفقة الذين يسافر معهم للحج، يختار رفقة طيبة من أهل الورع والتقوى والعلم تساعده على أداء نسكه، وإذا خرج المسلم وركب إلى مكة فإن عليه أن يبدأ قبل الإحرام بالاغتسال والتنظف والتطيب والتجرد من المخيط إن كان ذكرا، إن كان عن طريق البر في السيارة فإنه إذا وصل إلى الميقات يقف ويغتسل -والاغتسال سنة- ويتنظف ويتطيب، ثم يحرم عقب الفريضة إن كان الوقت وقت فريضة وإلا صلى ركعتين سنة الوضوء أو سنة الضحى، أو الركعتان تكونا للإحرام عند جمهور العلماء ثم يحرم.
وأما إذا كان مجيئه عن طريق الجو فإنه يغتسل قبل ركوبه الطائرة، يغتسل ويتنظف ويتطيب ويستعد ويتهيأ فإذا حاذى الميقات تهيأ، تجرد من المخيط، تجرد من المخيط إذا كان ذكرا ويلبس إزارا ورداء أبيضين نظيفين.