1 | ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم وثناء |
2 | الروح والملأ الملائك حوله *** للدين والدنيا به بشراء |
3 | والعرش يزهو والحظيرة تزدهي *** والمنتهى والسدرة العصماء |
4 | وحديقة الفرقان ضاحكة الربا *** بالترجمان شذية غناء |
5 | والوحي يقطر سلسلا من سلسل *** واللوح والقلم البديع رواء |
6 | نظمت أسامي الرسل فهي صحيفة *** في اللوح واسم محمد طغراء |
7 | اسم الجلالة في بديع حروفه *** ألف هنالك واسم طه الباء |
8 | يا خير من جاء الوجود تحية *** من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا |
9 | بيت النبيين الذي لا يلتقي *** إلا الحنائف فيه والحنفاء |
10 | خير الأبوة حازهم لك آدم *** دون الأنام وأحرزت حواء |
11 | هم أدركوا عز النبوة وانتهت *** فيها إليك العزة القعساء |
12 | خلقت لبيتك وهو مخلوق لها *** إن العظائم كفؤها العظماء |
13 | بك بشر الله السماء فزينت *** وتضوعت مسكا بك الغبراء |
14 | وبدا محياك الذي قسماته *** حق وغرته هدى وحياء |
15 | وعليه من نور النبوة رونق *** ومن الخليل وهديه سيماء |
16 | أثنى المسيح عليه خلف سمائه *** وتهللت واهتزت العذراء |
17 | يوم يتيه على الزمان صباحه *** ومساؤه بمحمد وضاء |
18 | الحق عالي الركن فيه مظفر *** في الملك لا يعلو عليه لواء |
19 | ذعرت عروش الظالمين فزلزلت *** وعلت على تيجانهم أصداء |
20 | والنار خاوية الجوانب حولهم *** خمدت ذوائبها وغاض الماء |
21 | والآي تترى والخوارق جمة *** جبريل رواح بها غداء |
22 | نعم اليتيم بدت مخايل فضله *** واليتم رزق بعضه وذكاء |
23 | في المهد يستسقى الحيا برجائه *** وبقصده تستدفع البأساء |
24 | بسوى الأمانة في الصبا والصدق لم *** يعرفه أهل الصدق والأمناء |
25 | يا من له الأخلاق ما تهوى العلا *** منها وما يتعشق الكبراء |
26 | لو لم تقم دينا لقامت وحدها *** دينا تضيء بنوره الآناء |
27 | زانتك في الخلق العظيم شمائل *** يغرى بهن ويولع الكرماء |
28 | أما الجمال فأنت شمس سمائه *** وملاحة الصديق منك أياء |
29 | والحسن من كرم الوجوه وخيره *** ما أوتي القواد والزعماء |
30 | فإذا سخوت بلغت بالجود المدى *** وفعلت ما لا تفعل الأنواء |
31 | وإذا عفوت فقادرا ومقدرا *** لا يستهين بعفوك الجهلاء |
32 | وإذا رحمت فأنت أم أو أب *** هذان في الدنيا هما الرحماء |
33 | وإذا غضبت فإنما هي غضبة *** في الحق لا ضغن ولا بغضاء |
34 | وإذا رضيت فذاك في مرضاته *** ورضا الكثير تحلم ورياء |
35 | وإذا خطبت فللمنابر هزة *** تعرو الندي وللقلوب بكاء |
36 | وإذا قضيت فلا ارتياب كأنما *** جاء الخصوم من السماء قضاء |
37 | وإذا حميت الماء لم يورد ولو *** أن القياصر والملوك ظماء |
38 | وإذا أجرت فأنت بيت الله لم *** يدخل عليه المستجير عداء |
39 | وإذا ملكت النفس قمت ببرها *** ولو ان ما ملكت يداك الشاء |
40 | وإذا بنيت فخير زوج عشرة *** وإذا ابتنيت فدونك الآباء |
41 | وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما *** في بردك الأصحاب والخلطاء |
42 | وإذا أخذت العهد أو أعطيته *** فجميع عهدك ذمة ووفاء |
43 | وإذا مشيت إلى العدا فغضنفر *** وإذا جريت فإنك النكباء |
44 | وتمد حلمك للسفيه مداريا *** حتى يضيق بعرضك السفهاء |
45 | في كل نفس من سطاك مهابة *** ولكل نفس في نداك رجاء |
46 | والرأي لم ينض المهند دونه *** كالسيف لم تضرب به الآراء |
47 | يأيها الأمي حسبك رتبة *** في العلم أن دانت بك العلماء |
48 | الذكر آية ربك الكبرى التي *** فيها لباغي المعجزات غناء |
49 | صدر البيان له إذا التقت اللغى *** وتقدم البلغاء والفصحاء |
50 | نسخت به التوراة وهي وضيئة *** وتخلف الإنجيل وهو ذكاء |
51 | لما تمشى في الحجاز حكيمه *** فضت عكاظ به وقام حراء |
52 | أزرى بمنطق أهله وبيانهم *** وحي يقصر دونه البلغاء |
53 | حسدوا فقالوا شاعر أو ساحر *** ومن الحسود يكون الاستهزاء |
54 | قد نال بالهادي الكريم وبالهدى *** ما لم تنل من سؤدد سيناء |
55 | أمسى كأنك من جلالك أمة *** وكأنه من أنسه بيداء |
56 | يوحى إليك الفوز في ظلماته *** متتابعا تجلى به الظلماء |
57 | دين يشيد آية في آية *** لبناته السورات والأدواء |
58 | الحق فيه هو الأساس وكيف لا *** والله جل جلاله البناء |
59 | أما حديثك في العقول فمشرع *** والعلم والحكم الغوالي الماء |
60 | هو صبغة الفرقان نفحة قدسه *** والسين من سوراته والراء |
61 | جرت الفصاحة من ينابيع النهى *** من دوحه وتفجر الإنشاء |
62 | في بحره للسابحين به على *** أدب الحياة وعلمها إرساء |
63 | أتت الدهور على سلافته ولم *** تفن السلاف ولا سلا الندماء |
64 | بك يا ابن عبد الله قامت سمحة *** بالحق من ملل الهدى غراء |
65 | بنيت على التوحيد وهي حقيقة *** نادى بها سقراط والقدماء |
66 | وجد الزعاف من السموم لأجلها *** كالشهد ثم تتابع الشهداء |
67 | ومشى على وجه الزمان بنورها *** كهان وادي النيل والعرفاء |
68 | إيزيس ذات الملك حين توحدت *** أخذت قوام أمورها الأشياء |
69 | لما دعوت الناس لبى عاقل *** وأصم منك الجاهلين نداء |
70 | أبوا الخروج إليك من أوهامهم *** والناس في أوهامهم سجناء |
71 | ومن العقول جداول وجلامد *** ومن النفوس حرائر وإماء |
72 | داء الجماعة من أرسطاليس لم *** يوصف له حتى أتيت دواء |
73 | فرسمت بعدك للعباد حكومة *** لا سوقة فيها ولا أمراء |
74 | الله فوق الخلق فيها وحده *** والناس تحت لوائها أكفاء |
75 | والدين يسر والخلافة بيعة *** والأمر شورى والحقوق قضاء |
76 | الإشتراكيون أنت إمامهم *** لولا دعاوي القوم والغلواء |
77 | داويت متئدا وداووا ظفرة *** وأخف من بعض الدواء الداء |
78 | الحرب في حق لديك شريعة *** ومن السموم الناقعات دواء |
79 | والبر عندك ذمة وفريضة *** لا منة ممنونة وجباء |
80 | جاءت فوحدت الزكاة سبيله *** حتى التقى الكرماء والبخلاء |
81 | أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى *** فالكل في حق الحياة سواء |
82 | فلو ان إنسانا تخير ملة *** ما اختار إلا دينك الفقراء |
83 | يأيها المسرى به شرفا إلى *** ما لا تنال الشمس والجوزاء |
84 | يتساءلون وأنت أطهر هيكل *** بالروح أم بالهيكل الإسراء |
85 | بهما سموت مطهرين كلاهما *** نور وريحانية وبهاء |
86 | فضل عليك لذي الجلال ومنة *** والله يفعل ما يرى ويشاء |
87 | تغشى الغيوب من العوالم كلما *** طويت سماء قلدتك سماء |
88 | في كل منطقة حواشي نورها *** نون وأنت النقطة الزهراء |
89 | أنت الجمال بها وأنت المجتلى *** والكف والمرآة والحسناء |
90 | الله هيأ من حظيرة قدسه *** نزلا لذاتك لم يجزه علاء |
91 | العرش تحتك سدة وقوائما *** ومناكب الروح الأمين وطاء |
92 | والرسل دون العرش لم يؤذن لهم *** حاشا لغيرك موعد ولقاء |
93 | الخيل تأبى غير أحمد حاميا *** وبها إذا ذكر اسمه خيلاء |
94 | شيخ الفوارس يعلمون مكانه *** إن هيجت آسادها الهيجاء |
95 | وإذا تصدى للظبا فمهند *** أو للرماح فصعدة سمراء |
96 | وإذا رمى عن قوسه فيمينه *** قدر وما ترمى اليمين قضاء |
97 | من كل داعي الحق همة سيفه *** فلسيفه في الراسيات مضاء |
98 | ساقي الجريح ومطعم الأسرى ومن *** أمنت سنابك خيله الأشلاء |
99 | إن الشجاعة في الرجال غلاظة *** ما لم تزنها رأفة وسخاء |
100 | والحرب من شرف الشعوب فإن بغوا *** فالمجد مما يدعون براء |
101 | والحرب يبعثها القوي تجبرا *** وينوء تحت بلائها الضعفاء |
102 | كم من غزاة للرسول كريمة *** فيها رضى للحق أو إعلاء |
103 | كانت لجند الله فيها شدة *** في إثرها للعالمين رخاء |
104 | ضربوا الضلالة ضربة ذهبت بها *** فعلى الجهالة والضلال عفاء |
105 | دعموا على الحرب السلام وطالما *** حقنت دماء في الزمان دماء |
106 | الحق عرض الله كل أبية *** بين النفوس حمى له ووقار |
107 | هل كان حول محمد من قومه *** إلا صبي واحد ونساء |
108 | فدعا فلبى في القبائل عصبة *** مستضعفون قلائل أنضاء |
109 | ردوا ببأس العزم عنه من الأذى *** ما لا ترد الصخرة الصماء |
110 | والحق والإيمان إن صبا على *** برد ففيه كتيبة خرساء |
111 | نسفوا بناء الشرك فهو خرائب *** واستأصلوا الأصنام فهي هباء |
112 | يمشون تغضي الأرض منهم هيبة *** وبهم حيال نعيمها إغضاء |
113 | حتى إذا فتحت لهم أطرافها *** لم يطغهم ترف ولا نعماء |
114 | يا من له عز الشفاعة وحده *** وهو المنزه ما له شفعاء |
115 | عرش القيامة أنت تحت لوائه *** والحوض أنت حياله السقاء |
116 | تروي وتسقي الصالحين ثوابهم *** والصالحات ذخائر وجزاء |
117 | ألمثل هذا ذقت في الدنيا الطوى *** وانشق من خلق عليك رداء |
118 | لي في مديحك يا رسول عرائس *** تيمن فيك وشاقهن جلاء |
119 | هن الحسان فإن قبلت تكرما *** فمهورهن شفاعة حسناء |
120 | أنت الذي نظم البرية دينه *** ماذا يقول وينظم الشعراء |
121 | المصلحون أصابع جمعت يدا *** هي أنت بل أنت اليد البيضاء |
122 | ما جئت بابك مادحا بل داعيا *** ومن المديح تضرع ودعاء |
123 | أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة *** في مثلها يلقى عليك رجاء |
124 | أدرى رسول الله أن نفوسهم *** ركبت هواها والقلوب هواء |
125 | متفككون فما تضم نفوسهم *** ثقة ولا جمع القلوب صفاء |
126 | رقدوا وغرهم نعيم باطل *** ونعيم قوم في القيود بلاء |
127 | ظلموا شريعتك التي نلنا بها *** ما لم ينل في رومة الفقهاء |
128 | مشت الحضارة في سناها واهتدى *** في الدين والدنيا بها السعداء |
129 | صلى عليك الله ما صحب الدجى *** حاد وحنت بالفلا وجناء |
130 | واستقبل الرضوان في غرفاتهم *** بجنان عدن آلك السمحاء |
131 | خير الوسائل من يقع منهم على *** سبب إليك فحسبي الزهراء |