ماذا تعني لكم هذه الآية ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]؟ هل تظنون أن الله يخلف وعده؟ هل تظنون أن هذه الآية للتبرك فقط وليس لها نصيب من العمل؟
يا أيها المسلمون: إن ربكم اسمه الرزاق وهو يقول لكم وهو أصدق القائلين ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].
يا أيها المؤمنون: إن ربكم بذل لكم السبب ووعدكم بالنتيجة.
يا أيها العابدون: أن ربكم يدلكم على الطريق فلا تحيدوا عنها.
أياكم أن ينسيكم الخوض في التفاصيل الصورة الكبرى لقضية غلاء الأسعار، فالمسألة ليست غلاء للأسعار هي أكبر من ذلك بكثير، المسألة يا عباد الله هي ما كسبت أيدينا ليس إلا. أياكم أن تذهبوا بعيدا وتلقوا باللآمة هنا أو هناك، قال تعالى ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41] وقال تعالى ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 165] وقال تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11] وقال تعالى ﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ﴾ [الأنعام: 6].
دعونا يا عباد الله نصحوا من سباتنا فقد غفونا كثيرا ولن تزيدنا غفوتنا إلا بؤسا وشقاءا، دعونا نفر إلى الله فلا مفر منه إلا إليه.
أيها المشتكون من غلاء الأسعار، أيها الخائفون من المستقبل، أيها الوجلون مما يخفيه قابل الأيام، أيها المتذمرون من واقع الحال تدبروا حالكم مع ربكم وستعرفون ما هو السبب الحقيقي لما أنتم خائفون منه. قفوا وقفة صدق مع أنفسكم:
• ماهو مقدار يقينك بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
• ماهو مقدار اعترافك بتقصيرك تجاه ربك واعترافك بذنبك.
• ماهو مقدار أسفك على ذنوبك وحسرتك على خطاياك.
• ماهو مقدار وجلك من ربك وخوفك من لقاءه.
• كيف هي حالك مع أوامر ربك وما مقدار تطبيقك لها.
• ماهو نصيب ذكرك لربك وصلاتك على نبيك في ليلك ونهارك.
• كم من وقتك يذهب في السنن والنوافل والطاعات القلبية والقولية والعملية.
• كم من الزمن الذي ذهب سدى في لغو حرام وسماع حرام ونظر حرام.
• كم مرة سمعت واعظ الهدى من قلبك أو من غيرك فتصاممت عنه وتجاهلت حديثه.
• هل حاسبت نفسك وأطرتها على الحق أطرا أم سرت خلف هواك واتبعت شهواتك.
• هل سألت نفسك لماذا أنت بطيء في الطاعات سريع في غيرها.
• هل ذهبت بعقلك للآخرة ووقفت نفسك بين يدي ربك وأعددت لسؤاله جوابا.
• هل عبرت بخيالك القنطرة فوق جهنم وسألت نفسك من أي القوم أنت في السير عليها.
أيها المسلمون:
إن المتأمل لواقعنا يعلم علم اليقين أننا بعدنا عن الله كثيرا وهو سبحانه يرسل لنا رسائل يذكرنا بها لنعود إليه فمنا من يعقل ومنا غير ذلك.