الحذر من كذب نيسان

سهير بشناق - من ميزة اوائل الاشهر، عبر تاريخ البشرية انها ترتبط بالقصص والاساطير ، ولعل « الاول» من نيسان- ابريل من كل عام بانه يوم الكذب المبرر والمغلف بدعابات وفكاهة يمارسها الاصدقاء مع بعضهم البعض وان كانت هذه الاكاذيب تزداد في الاول من نيسان فانها يجب ان تكون اكاذيب لا تخرج عن حدود المألوف ولا تمس حياة الاخرين بشكل مباشر كي تبقى في اطار الممازحة .
وفي الوقت الذي يصر الكثيرون على ممارسة الكذب بالاول من نيسان يعتقد اخرون بان الكذب يبقى كذبا ولو كان من باب الدعابة ويجب ان لا يمارس خاصة ان ارتفعت وتيرة الكذب لتمس حياة الاخرين او افراد اسرتهم .
ويحذر اخصائيون اجتماعيون من خطورة التمادي بالكذب في هذا اليوم كأن يتم اخبار الام بان ولدها نقل الى المستشفى او ان زوجها تعرض لحادث او تعرض منزلها للحريق حيث ان هذا النوع من الاكاذيب له نتائج سلبية على حياة الاخرين مما يؤدي احيانا الى اصابتهم جسديا او تعرضهم للوفاة من وقع الصدمة عليهم
اصول كذبة نيسان تعود الى احتفالية على شكل كذبة ،مبررة ومقبولة مارسها ملوك بابل الاوائل.. حيث كان الملك البابلي يجلس على منصة امام جمع غفير من ابناء شعبه حيث يستدعي فتى ابله متخلفا عقليا ويجلسه بجواره، ثم يخلع التاج من رأسه ليلبسه ذلك الفتى ويدعي انه تنازل عن العرش وسيكون الاخر هو الملك الشرعي.. فيستغرب الناس من ذلك ويغرقون في الضحك.
وتبين المعلومات التي تتداول حول كذبة نيسان ان اكبر كذبة وقعت خلال العقد الاول من القرن الماضي كانت في نشر احد الفرنسيين خبرا في واحدة من كبريات الصحف مفاده بان مؤتمرا عالميا سيعقد في الاول من نيسان في مدينة نيودلهي الهندية، الهدف منه توحيد الاديان وجعلها دينا واحدا وذلك لتوفر المشتركات الايمانية والعقائدية وفي مقدمتها ان الرب الذي انزل تلك الاديان وكتبها السماوية هو الله الواحد ، ودعا الراغبين بالاشتراك في ذلك المؤتمر الى الحضور في الزمان والمكان المعينين ،علما بان اجور السفر والاقامة والسكن والاطعام والتنقل سيتحملها البلد المضيف..مما دفع بقسم من رجال الكنيسة الفرنسية الى شد رحالهم وتوجهوا الى نيودلهي كما انطلت الكذبة على شخصيات دينية واجتماعية معروفة في اماكن اخرى من العالم، ، وحين وصلت الوفود لم تجد لا مؤتمرا ولا مستقبلين ...
وفي بغداد عام1957 ظهرت صحيفة الزمان اليومية وعلى صفحتها الاولى كوبونا يتضمن اعلانا عن اقامة حفلة غنائية خلال الاول من نيسان على قاعة الملك فيصل تحييها نخبة من مطربي المقام العراقي في مقدمتهم محمد القبانجي ويوسف عمر وناظم الغزالي، وما على الراغبين في الحضور المجاني الا اقتطاع الكوبون وتسليمه الى اللجنة التي ستكون حاضرة عند مدخل القاعة، وفي نفس المكان والزمان كان جمع غفيرمن عشاق ومتذوقي المقام العراقي امام باب القاعة لكنهم لم يجدوا بابا مفتوحا ولا لجنة استقبال ولا اي شيء من هذا القبيل.
حيث اعلمتهم الصحيفة في اليوم التالي انها لم تكن الا (كذبة نيسان)
ومع تغير الزمن وعجلة الحياة لم تعد كذبة نيسان تمارس الا في اطار الاصدقاء وافراد الاسرة فقط
استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي عميد كلية الاميرة رحمة في جامعة البلقاء التطبيقية نبه من اطلاق اكاذيب في هذا اليوم واعتباره بمثابة « الكذب الابيض ، او المزحة او الخدعة او المقلب « وحذر من المزحات والمقالب (الثقيلة)غير المناسبة والتي قد تلحق الاذى والالم بالاخرين وخاصة الافراد الذين يعانون من امراض مزمنة كالقلب وارتفاع ضغط الدم لانها تحمل بطياتها اخبارا سيئة لا يتحملونها في هذا اليوم .
واشار الخزاعي الى ان «هذه الكذبة المذمومة والسلوك المحرم دينا وعقلا وشرعا للاسف يتم تداوله محليا وهو بمثابة تقليد اعمى للغرب ، ولكنه سلوك متوارث عبر اجيال توارثه الابناء واصبح طلاب المدارس والجامعات يتداولونها باعتبارها اصبحت سلوكا دائما في الاول من نيسان .
وطالب الخزاعي ان كان هناك من يصر على الكذب في هذا اليوم فانه يجب ان يكون المزاح او الدعابة المنتظرة من قبل الكثيرين مزاحا مقبولا بعيدا عن بث الحزن بنفوس الاخرين» .
وبالرغم من اصرار الكثيرين على الاحتفال بالاول من شهر نيسان باطلاق اكاذيب الا ان مراعاة شعور الاخرين يجب ان تبقى حاضرة في النفوس فالرغبة بالمزاح لا تحول بينا وبين احترام الاخرين وعدم التعرض لحياتهم الشخصية او افراد اسرتهم
كذبة نيسان؛ قد تؤثر على الاخرين سلبا وتعرضهم لمشاكل صحية خاصة ان كانت الكذبة تمس حياتهم فالكذب يبقى كذبا وهو سلوك غير مقبول اجتماعيا ودينيا فكذبة نيسان عليها ان تمر مرور الكرام وان لا نتوقف عندها كثيرا كي لا نؤذي الاخرين في حياتهم .

منقول عن الرأي

الكذب هو كذب ولو غُلف بألوانٍ زاهية جميلة .

ومن هدي المصطفى , صلى الله عليه وسلم ,

إياكمْ والكذبَ ؛ فإنَّ الكذبَ يهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النارِ، وإنَّ الرجلَ ليكذبُ ويتحرَّى الكذبَ حتى

يُكتب عندَ اللهِ كذَّابًا ؛ وعليكمْ بالصدقِ، فإنَّ الصدقَ يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنةِ، وإنَّ الرجلَ ليصدقُ

ويتحرَّى الصدقَ حتى يُكتب عندَ اللهِ صدِّيقًا

الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4989
خلاصة حكم المحدث: صحيح



مشكور كيم على مجهودك تسلم ايدك تقبل مروري

العراب