في رحاب رسول الله
====================
يمّمت شعري لروضٍ أنت ساكنها
فزانَ عطرُكَ يا طه قوافيها
جَذْلى حروفي لذكرِ المصطفى فرحاً
فالشّوق يُسكِرُها و الفخرُ يَحديها
أهيمُ حبّاً إذا ما كنتُ أذكرُهُ
فتذرفُ العينُ شوقاً من مآقيها
مَرُّ الصلاةِ على المختارِ في خَلَدي
في اليومِ خيرٌ من الدنيا و ما فيها
سكبتُ روحي مدادا في الدواة لكي
تحظى بنفحٍ من طه يُزكيها
جفَّ الكلام و ذابت أحرفي بفمي
شابت قصيدي و ما طالت مراميها
بمدحِ طه لديَّ اليومَ مأثرةٌ
بها حفِيٌّ و للأجيالِ أرويها
نفسي تتوقُ لحوضٍ أنت مُورِدُهُ
فشَرْبَةٌ من يدِ العدنانِ تُرويها
نفسي و مالي فداءٌ حين أذكرُهُ
أزكى الصلاةِ على المختارِ أُزجيها
أنَّى نهلتُ من المختارِ سيرتُهُ
ماءٌ زلالٌ مُصفَّى في خوابيها
فكرْمُ أحمد قد دانت فضائلها
و الخير درٌّ تدلى من دواليها
إنجيلُ عيسى سبّاقٌ ببشراهُ
هذي الحقيقةُ حاولْ أن تُعرّيها
في يومِ مولدِهِ فاضَتْ بشائِرُهُ
قصورُ جِلّقَ قد ضاءَت مبانيها
عرشُ الأكاسرةِ اهتزَّتْ دعائمُهُ
نارُ المجوسِ تهاوتْ من معاليها
ناداهُ جبريلُ ( إقرأ باسم ربّكَ ) لا
تجزعْ محمّدُ أنت اليومَ هاديها
هاكَ الرسالةَ هدْيُ اللهِ منهجُها
فاسعى لتنشرَ نوراً في فيافيها
شمسُ الظّهيرةِ أَخبَى من علائِمِهِ
أعمى البصيرةِ جهلاً كان يُخطِيها
الماءُ دفّاقٌ من بين أُنمُلِهِ
و الجّذعُ حنَّ لخطْوٍ كان خاطيها
و مقلةٌ في الوغى كَلْمَى محاجِرُها
كان الرسولُ بأمرِ اللهِ آسيها
و عنكبوتٌ بباب الغار يحفظهُ
لقد غدا أمنعَ الحراسِ واهيها!!
و آيُ ربّهِ إعجازٌ لذي أدبٍ
نوابغُ الشعرِ عيَّتْ أن تُدانيها
ألفاهمُ قوماً طاشت بصيرتهم
عاثوا بفطرة ربّ العرشِ تشويها
في جهلهم غرقى و اللاتُ سائسهم
و عاكفين لصمّ الصخر تأليها
قد قالَ قائِلهم أَهدُوا لهُ مُلكاً
فالنّفسُ طَيّعَةٌ و الجاهُ يغريها
فقالَ لو وُضِعَتْ شمسٌ براحِيْ ما
تركتُ أمريْ لو زادَ الأذى فيها
أفاض أحمدُ نوراً في قلوبهمُ
جلا برفقٍ غلاً كان غاشيها
و السنّةُ السمحا حازت حُشاشتهم
أمسى محباً بعد البغض قاليها
و استمسكوا عروةً وثقى تنزههم
عن كلّ عيبٍ في الأخلاق تنزيها
باتوا دعاةً إذا ما أشرقت شمسٌ
رهبانُ ليلٍ إذا جنّت دياجيها
يا ابنَ الذبيحين قد أخجلتهم كرَماً
في يوم مكة و الأصنام تُهويها
و يومَ إسرائِهِ ازدانِتْ مناكِبُها
و طِيْبُ معراجِهِ زاد السّما تِيها
أحالَ يثربَ نوراً أَنْ أقامَ بها
و دمعُ مكّةَ شوقاً باتَ يكويها
أُترِعتَ خُلْقَاً ما شَابَهُ كَدَرٌ
من خيرِ عينٍ فربُّ الكونِ ساقيها
سهلُ العريكةِ لاتَخفَى مَهابَتُهُ
على الخلائقِ قاصيها و دانيها
بسّامُ ثغرٍ تجلو الهمَّ رؤيتُهُ
و غِبطةٌ ليسَ شيئٌ ما يضاهيها
و راحُ كفّهِ لا أندى إذا انقبضَتْ
كفُّ الكرامِ لقحطٍ قد جرى فيها
و أمُّ معبدَ قالت في محاسنه
دراً تهاطل عند النّعت من فيها
في وجهه حُسنٌ دعجاءُ عيناهُ
كحلاءُ لا تبتغي كحلاً يحلّيها
و أفصح العُرْب لا ندْرٌ و لا هدرُ
فصلٌ مقولتُهُ إن كان يحكيها
أزَجُّ كالبدر في الظلماء طلّتهُ
كأنّهُ لسفينِ الحُسن شاطيها
يومُ الكريهةِ مقدامٌ تضجُّ بهِ
ساح الوغى فعروشُ الكُفرِ يُرديها
نادى فمادتْ رواسٍ في حُنينَ لهُ
أنا النبيّ هلموا لا يواريها
قبل النزال صليل الرعب يسبقهُ
مهابةٌ في قلوب القوم يُلقيها
أشكو إليك رسولَ الله فرقتنا
رُمنا الحياةَ فتُهنا في حواشيها
غثاءُ سيلٍ لا عن قلةٍ أبداً
قطيعُ أُسدٍ خروف الروم راعيها
أمسى اللئيمُ بطاناً في مرابعنا
بات الكريم خميصَ البطن خاويها
هذي دمشقُ وشاحُ الموت مئزرُها
و الدمع شلالٌ يغزو حواريها
كالسيلِ كأسُ المنايا طاف باليمنِ
جرحُ العراقِ حطامُ الشّامِ يُبكيها
يا أمةً شذّتْ عودي لمنهجهِ
كبْحُ الخطايا خيرٌ من تتاليها
هو الشّفيعُ لخَلقٍ ما لهمْ سَنَدٌ
يومَ التناديْ عندِ اللهِ باريها
يجلُو القلوبَ اقتداءٌ في مثالبِهِ
كلُّ الخبائثِ و الأضغانِ يَنفيها
أدَّى الرسالةَ لا ينتابُهُ كَلَلٌ
صاغَ الأمانةَ في أرقى معانيها
لم يألُ جهداً ُحدود الله أنفذها
لو كانتِ الزهرا لا لن يحابيها
أكرِمْ بدارٍ بعدَ الموتِ تسكنُها
إنْ كنتَ بالسُّنَّةِ العصماءِ بانيها