مفهوم العيب يتغير بتعاقب الأجيال أن الفارق بين العيب والحرام كبير فالعيب مفهوم مرتبط بالعادات والتقاليد المتعارف عليها حسب نوع المجتمع وثقافته الاجتماعية، وبهذا يمكن لنا أن نتأكد أنه مفهوم بشري إنساني تتحكم فيه الأهواء أحيانا، أما الحرام فهو مفهوم مرتبط بشكل مباشر بالتعاليم والتشريعات الدينية، وهذا أمر لا اجتهاد فيه.
تؤكد الدكتورة صفاء عبد القادر أستاذة الطب النفسي أنه بتطور ثقافة أي مجتمع تبدأ الانعكاسات تظهر على سلوكيات أفراده رغم أن هذا ليس حكما قاطعا فهناك أفراد أو مجتمعات ترفض التغيير وإن ارتقت تعليميا وثقافيا، ويبقى أفراده متمسكين بهذا المنطق وهذا يظهر جليا في مجتمعاتنا إذا كان الأمر يتعلق بالنساء ففي مجتمع ذكوري كالذي نعيش فيه يمكن أن تتغير مفاهيم العيب تجاه الرجل بسرعة لكنها تكاد لا تتغير تجاه المرأة لتبقى حبيسة عادات مرعليها الكثير من الزمن وأن الحل الوحيد لمثل هذه الإشكالية التي تنشأ أساسا بسبب تطور الحياة وطريقة التعبيرعن الآراء والأفكار،هو خلق لغة تفاهم فأن غابت هذه اللغة لن يكون هناك أصلا وسيلة للتواصل بين جيلين حول تعريف العيب ، ليمتص الكبار هذه الفجوة ويحاولوا تقليصها فلا بد من بناء علاقة من الثقة مع الصغار، وإثارة الحوار البناء الذي يراعي مستوى تفكيرهم وتفهم احتياجاتهم، حتى نضمن التواصل المتبادل بين الجانبين الذي يلبي احتياجات كل طرف ولا يعيق تحقيق أهدافه، والتركيز على الأهداف المشتركة، حتى لو كانت وسائل تحقيقها مختلفة، فالحديث هنا عن أمور مطاطة وليس عن ثوابت، فخروج المرأة للعمل والدراسة يعده البعض عيبا بينما يراه آخرون واجبا، وأمور أخرى كثيرة كان الاعتقاد بممارستها عيبا والآن هي أمر طبيعي بل في بعض الأحيان أمرا مطلوبا وملحا ويبقى ما يسمى بصراع الأجيال أمراً حتمياً في مختلف المجتمعات، حيث ينظر كل جيل إلى مجموعة من الأنماط السلوكية وكأنها هي الصحيحة والسليمة فقط، أما غيرها فيعتبر في عداد الخطأ، لذا يعتبر كل جيل ما ينشأ عن أفراده من سلوكيات وكأنها هي الصواب.