شروط لا إله إلا الله:
لا بد في شهادة أن لا إله إلا الله من سبعة شروط، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها؛ وهي على سبيل الإجمال:
الأول: العلم المنافي للجهل.
الثاني: اليقين المنافي للشك.
الثالث: القبول المنافي للرد.
الرابع: الانقيادُ المنافي للترك.
الخامس: الإخلاص المنافي للشرك.
السادس: الصدق المنافي للكذب.
السابع: المحبة المنافية لضدها وهو البغضاء.
وأما تفصيلها فكما يلي:
الشرط الأول:
العلم: أي العلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تُثبته، المنافي للجهل بذلك، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] .
أي: (شهد) بلا إله إلا الله، (وهُم يعلمون) بقلوبهم ما شهدت به ألسنتهم، فلو نطَقَ بها وهو لا يعلم معناها لم تنفعهُ؛ لأنه لم يعتقدْ ما تدل عليه.
الشرط الثاني:
اليقين: بأن يكون قائلها مستيقنًا بما تدلّ عليه؛ فإن كان شاكًّا بما تدل عليه لم تنفعه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [الحجرات: 15] .
فإن كان مرتابًا كان منافقًا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من لقيتَ وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا قلبه فبشره بالجنة» فمن لم يستيقن بها قلبه، لم يستحق دخولَ الجنَّة.
الشرط الثالث:
القبول لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه؛ فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به؛ كان من الذين قال الله فيهم: { إِنَّهُمْ كَانُوٓا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَآ إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ {} وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓا ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍۭ }
[الصافات: 35، 36] .
وهذا كحال عباد القبور اليوم؛ فإنهم يقولون: (لا إله إلا الله) ، ولا يتركون عبادة القبور؛ فلا يكونون قابلين لمعنى لا إله إلا الله.
الشرط الرابع:
الانقياد لما دلت عليه، قال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان: 22] . والعروة الوثقى: لا إله إلا الله؛ ومعنى يسلم وجهه: أي ينقاد لله بالإخلاص له.
الشرط الخامس:
الصدق: وهو أن يقولَ هذه الكلمة مصدقًا بها قلبُه، فإن قالَها بلسانه ولم يصدق بها قلبُه كان منافقًا كاذبًا، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ {} يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا} إلى قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 8- 10] .
الشرط السادس:
الإخلاصُ: وهو تصفيةُ العمل من جميع شوائب الشرك؛ بأن لا يقصد بقولها طمعًا من مطامع الدنيا، ولا رياء ولا سمعة؛ لما في الحديث الصحيح من حديث عتبان قال: «فإنَّ الله حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله» [الحديث أخرجه الشيخان] .
الشرط السابع:
المحبة لهذه الكلمة، ولما تدل عليه، ولأهلها العاملين بمقتضاها، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] .
فأهل (لا إله إلا الله) يحبون الله حبًّا خالصًا، وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره، وهذا ينافي مقتضى لا إله إلا الله.
فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله