بعد عام على مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين، وجد تقرير أشكالا من التقاعس الإسرائيلي.
وفي تقرير أعده ستيف هندريكس لصحيفة “واشنطن بوست” قال فيه إنه بعد عام على مقتل أبو عاقلة، وهي تغطي عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في مخيم جنين بالضفة الغربية، برصاص القوات الإسرائيلية على الأرجح، لم يتم توجيه اتهامات ضبط أو تحميل الجيش مسؤولية القتل. ولن يحدث هذا، بحسب تحليل جديد لمقتل أبو عاقلة.
ورغم الشجب الدولي الذي أحدثته جريمة القتل، إلا أنها تحولت إلى مثال عن الطريقة التي تستطيع من خلالها إسرائيل تجنب المساءلة.
وركزت “لجنة حماية الصحافيين” ومقرها نيويورك على 20 حالة صحافي ومراسل قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية منذ عام 2001. ووجدت اللجنة تشابها منظما في الرد الإسرائيلي، وحالة أساسية في كل منها، وهي أنه لم توجه أي تهم لتحميل المسؤولية في أي منها للجيش.
وذكر التقرير أن إسرائيل ردّت على الحوادث بناء على قواعد اللعبة، وإن باختلافات طفيفة، مثل إنكار المسؤولية ورفض الأدلة وشهادات شهود العيان وتحقيقات دولية غامضة لا تقود أبدا إلى توجيه تهم، حتى عندما كانت تقدم بيانات حول احتمال المسؤولية كما حدث في حالة أبو عاقلة.
وقال روبرت ماهوني، مدير البرامج الخاصة في لجنة حماية الصحافيين، وأحد المشاركين في التقرير، إن “قتل شيرين أبو عاقلة يلخص كل شيء خطأ في العملية”، و”بدءا من السرديات المضللة أو الكاذبة التي تقدم مباشرة ثم يتم التخلي عنها ببطء حتى نصل إلى النقطة الحقيقية بعد خمسة أشهر عندما قال تقرير داخلي للقوات الإسرائيلية، إن هناك إمكانية كبيرة أن القوات أطلقت النار خطأ على شيرين”.
ولم تعلق وزارة الخارجية الإسرائيلية ولا مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التقرير. وتجنب الجيش الإسرائيلي التعليق على التفاصيل، ولكنه قدم بيانا مفصلا جاء فيه أنه “لا يستهدف غير المقاتلين” ودافع التحقيق في الوفيات بأنها قانونية وصادقت عليها قرارات “عدة من المحكمة العليا”.
وجاء في البيان أن الجيش يأسف لأي ضرر تسبب به على المدنيين خلال العمليات، ويعتبر حماية حرية الصحافة والعمل المهني للصحافيين مهما جدا. وحلل معدو التقرير عددا من الحالات التي قُتل فيها صحافيون وهم يؤدون واجبهم في الضفة الغربية وغزة في العقود الأخيرة. وقاموا بمراجعة التغطية الصحافية وقابلوا شهود العيان والعائلات. ولم ينظروا إلى الحالات التي قتل فيها صحافيون برصاص المسلحين الفلسطينيين أو القنابل المتفجرة، وركزوا على الوفيات التي اتُهمت فيها القوات الإسرائيلية.
وحتى في الحالات التي لم يكن القتل فيها مقصودا، كما في حالة أبو عاقلة، فالجيش يتحمل مسؤولية حماية الصحافيين الذين يعتبرون مدنيين غير مقاتلين بحسب القانون الدولي. ومعظم الصحافيين الذين قُتلوا تم تحديد هويتهم كصحافيين، على الأقل 13 حالة حسب التقرير. فمصور وكالة رويترز فاضل شنا، كان يرتدي سترة واقية لونها أزرق بعلامة “صحافة” وكان يقف إلى جانب سيارة بعلامة “تي في” عندما ضربته قذيفة دبابة إسرائيلية على غزة عام 2018، حسب رواية في التقرير.
وكانت أبو عاقلة وفريقها يرتدون نفس الزي عندما أُطلقت عليهم النار. وأخبر الناجون من الفريق، صحيفة “واشنطن بوست” أنهم حاولوا جهدهم الابتعاد عن الخطر وإظهار أنفسهم، وأنهم لا يمثلون خطرا على القوات الإسرائيلية. وقال المنتج بخبرته الطويلة علي السمودي: “أي شيء يطلبه منا الجيش الإسرائيلي ننفذه”، حيث جرح في الحادث في أيار/ مايو 2022 .
ودخل الفريق جنين، وذلك بعد تقارير عن مداهمة للقوات الإسرائيلية. ووصلوا بعدما قام الجيش بالعملية، واختاروا مكانا بعيدا عن البنايات التي اندلع فيها العنف. ثم تعرضوا لإطلاق نار مفاجئ، وبحسب لقطات فيديو وشهود عيان، فقد أصيبت أبو عاقلة إصابة قاتلة في الرأس.
وتماشى الرد الإسرائيلي التالي مع النمط الذي وصفه تقرير لجنة حماية الصحافيين. فقد أصدر الإسرائيليون عدة بيانات أكدوا فيها أن أبو عاقلة قتلت “على الأرجح” برصاص مسلحين فلسطينيين. كل هذا رغم الشهادات من شهود العيان التي أكدت هدوء المكان قبل إطلاق النار على الصحافية. وتحول الموقف الإسرائيلي على مدى الأشهر التالية، حيث تراكمت الأدلة التي ناقضت بيانات الجيش. وفي أيلول/ سبتمبر، وبعد تحليل الرصاصة الباليستية في الولايات المتحدة، وتحقيقات لمنظمات إعلامية منها “واشنطن بوست” اعترف الجيش باحتمالية عالية أن الرصاصة جاءت من جندي إسرائيلي. ولم ينشر الجيش نتائج تحقيقاته، وقال إنه لن يقوم بتوجيه تهم أو عقوبات على إطلاق النار.
ويقول النقاد إن غياب الشفافية في التحقيقات وفشلها في تحميل الفاعل المسؤولية، زاد من التشكك الدولي حول التزام إسرائيل بحماية الصحافيين.
وقال ماهوني: “لو كان هناك تحقيق مناسب في هذه الحوادث، لكانت بددت الكثير من الشكوك” و”حالة شيرين هي خير مثال على ذلك”. وكل الحالات إلا حالتين من حوادث قتل 20 صحافيا وردت في التقرير هم فلسطينيون، أكثر من الصحافيين الأجانب، الذين حصلوا على دعم المنظمات الدولية ومن سفاراتهم، أما الصحافيين المحليين فهم يعملون بدون دعم وسط مناخ معاد.
ويقول الكثيرون إن الظروف هي أسوأ مما كانت عليه، حتى من غطوا النزاع الدموي الإسرائيلي- الفلسطيني. ويقول أحمد مشعل، المنتج الصحفي غير المتفرغ لأكثر من 30 عاما، إن الضباط الإسرائيليين كانوا يطلبون من الصحافيين تغيير مواقعهم أو التوقف عن التصوير، موضحين سبب التدخل في التغطية الصحافية، وكانوا يقدمون الأوراق القانونية التي تجعلهم يتدخلون.
أما الآن، فالجنود من كل الأعمار وكذا المستوطنون المسلحون، يشعرون بالقوة لكي يضايقوا ويهددوا الصحافيين بدون مبرر، ويقول: “ما يخيف الآن هو أنك قد تُقتل بدون سبب.. أقول بدون سبب”، مضيفا: “الجيش، الشرطة والمستوطنون لديهم ضوء أخضر لعمل ما يريدون، وأنا خائف حتى لوضع يدي عند الحاجز”.
تابعونا هنا 
زائر 
أمس في 11:14 من طرف 
عدد المساهمات
تاريخ التسجيل
موضوع: عام على مقتل شيرين أبو عاقلة. 
