طلق محمد زوجته مرتين ، وأعادها إليه بعد وساطات لأهلها وتوسلات وتعهدات بأن يحسن أخلاقه ، ويكبح جماح غضبه ، ويخفف من حمقه ويعدل من نظرته إلى المرأة التي يملك بيده طلاقها وردها .
والغريب أنه في كل مرة يعترف لزوجته بأنه يحبها ولايستطيع أن يعدد صفاتها الحميدة ، ويطلب منها أن تساعده على ألا يخسرها بعد أن أنجبت له أربعة أطفال ،ولكنه كان يتخاصم حتى مع نفسه ، فكان معها كالعنشق ، إن سكتت تعلق ، وإن نطقت . تطلق وهي بين أمرين أحلاهما مر إلى أن فقد صوابه كعادته يوما وأطلق من جعبته السهم الأخير فطلقها الطلقة الثالثة وخرجت من بيته بأطفالها الأربعة .
وعندما صحا من غفلته أسرع من عالم إلى عالم يريد أن يجد له مخرجا . ولكن العلماء والفقهاء أكدوا له أن الحل الوحيد هو أن يتزوج مطلقته زوجا اخر ، ويعيش معها ويطلقها إذا أراد دون أن يشترط عليه زوجها ذلك أو تشترط هي ، لأن هذا الشرط يوجب لعنة الله على الجميع .
لم يقر له قرار بعد أن فقد نعمة لم يقدرها ، وبدأ يبحث عن زوج يحللها له حتى عثر على زميل له رضي بأن يقوم بتحليل زوجته له بعد انتهاء عدتها ، لقاء مبلغ من المال إذ إنه يرغب في الزواج من فتاة لم يسبق لها الزواج كحاله ، ورضي الزوج واشترط على زميله (( عادل )) بأن لا يخبر أهل زوجته بأنه سيكون المحلل للزوجة .
وتم الزواج بعد أن أرجعت الزوجة أولادها الأربعة إليه ، لأنها أجبرت على ذلك من أهلها . وبدأ محمد بعد أسبوع يأتي إلى زميله مطالبا إياه بطلاق زوجته كما وعده ، فأقنعه عادل ان عليه أن ينتظر انتهاء العادات والتقاليد الإجتماعية الخاصة بالزواج من زيارات وولائم ، كما أنه حريص على ألا تلوك الألسنة سمعة الزوجة إذا طلقها بعد شهر .
وامتدت المماطلة والتسويف بضعة أشهر ، والزوج يكاد يعصف به الجنون، ولايستطيع أن يخبر أحدا ، أما الزوجة فكانت خير زوج لزوجها الجديد وشدها إليه دماثة أخلاقه وكرم عشيرته ، وكان يردد دائما أمامها قول الرسول صلى الله عليه وسلم (( ما أكرم المرأة إلا كريم وما أهانها إلا لئيم )) .
وذات يوم أخبرها بقصة زوجها وشرطه معه ، وخيرها بين ان يطلقها فتعود لزوجها أو تبقى معه ولن ترى منه إلا مايسرها .
دارت الدنيا بالزوجة واحتقرت زوجها لأنه جعل زميله وسيلة لتحليلها له ولكنها سكتت ، وعندما جاء زوجها السابق يطلب من زميله الوفاء بالشرط رفض الزميل إعادة الزوجة بعد أن رأى بها صفات الزوجة الصالحة ، بل ورمى له المال وسمع زوجته السابقة تقول له من وراء الباب : عوضك الله خيرا مني .
خرج يجر رجليه جرا لأنه واثق من محبة زوجته وواثق من زميله لكن (( المكر السيء لا يحيق إلا بأهله )) . حاول ان يخدع الله ولكن الجزاء كان من جنس العمل وخسر الزوجة أم الأطفال وزميله دفعة واحدة وقبلها خسر نفسه