أتدري يا صديقي معنى أن تفقد أمك؟؟ أي أنك فقدتَ أحد أعضائك ، فلا عينيك عادت تُبصِر ولا قلبك عادَ يشعر ، هو ينبُض فقط ليُشير أنك لازلتَ حي فقط لا أكثر ، فقدتها يا صديقي وفقدتُ حياتي معها ، أحاول كثيراً تجاوز الأمر ، إخفاء دموعي وحزني الأعظم ، لكنني أعجز في كل مرة عن تصديق الأمر ، عن إخفاء حنيني واشتياقي وحاجتي لها ، أن تفقد أمك فأنت تفقد الرحمة ، تتخيّل وجودها في كل لحظة لتسُد خانة الحرمان منها ، ما أوجَع الموت يا صديقي وما أوجع الفقد وكأنّ الحزنَ أرسَى سفينتهُ في النفس ، قلبي من بعدِها في كمَد والمدامع تبكي غيابها ووجداني منفطِر ، أبتلع كل ليلة غصّة رحيلها بصمت ، وتخنقني الآهات على قلبٍ فقدتهُ أنقى من البرَد ، أسمع تمتماتها على سجادة الصلاة ، دعواتها لي مع كل بزوغ فجر ، رائحتها المنبعثة من غرفتها ، لمساتها على كل ركن من أركان المنزل ، آخ ، موجوعةٌ أنا وقلبي يعتصِر ألماً يصرخ " أريدها" ، أعلم أنّ الموت حق وجميعنا سنرحل تاركين كل شيء خلفنا ، لكنني لا أستطيع أن أكمِل الحياة بدونها ، لقد كانت بوصلتي التي تخبرني أي الطرق أسلكها ، كانت الحضن الذي أحتمي به من تقلبات الحياة ووحوشها ، وحيدة أنا من بعدها ، أعيش عزلة وغربة لا مثيل لها ، المنزل يسوده سكون قاتل ، الباب موصد منذ غيابها ، لا أحد يطرقه أو يسأل عن أبنائها ، كأنّها غادرت وغادر معها كل أحبتها وبقيت أنا وحدي قابعة هنا ، أحاول ارتداء قناع القوة فقط وتمثيل الإبتسامة وادّعاء الصبر وفي داخلي ألمٌ موجع ما عادَ البكاء يُجدي نفعاً معه ..ليتني كنتُ أمي فلا أتزوج ولا أُنجبُني كي لا أتجرّع لوعة الفقدِ..