لا نضيف جديداً حين نقرِّر أنَّ الحياة في المجتمع المدني الحديث صارت أكثر تعقيداً وتداخلاً من جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية. فقد اتسمت العقود لأخيرة من القرن الماضي وبداية هذا القرن بتطورات تنموية سريعة ومتعددة شملت جوانب الحياة المختلفة وكان لها الأثر البارز على الحياة اليومية للأفراد والمجتمعات.
بَيْدَ أنَّ هذه التطورات أفرزت بعض الآثار السلبية التي مسّت حياة وسلوك الطفل والمرأة والأسرة، من مثل: عادات الاستهلاك المتزايد لدى الأفراد، وظواهر استهلاكية غير رشيدة، حمّى الشراء، هوس التسوق، إدمان الاستهلاك.
وأحسب أنَّ تداعيات متطلبات الإجازات ثم الاستعداد للدراسة ومستلزماتها الأساسية وكذا احتياجات الأسرة الدورية تشكل ضغطاً اجتماعياً واقتصادياً على ميزانية الأسرة، مما يستدعي ضرورة مواجهة أعباء الحياة الناتجة من زيادة أسعار السلع المختلفة والخدمات، وذلك بالانتفاع الرشيد من الموارد المتاحة، بطريقة سليمة معتدلة.
ولا شك أنَّ الأسرة التي تهتم بتخطيط أسلوب حياتها وترشيد نفقاتها ومصروفاتها، سوف تحقِّق أهدافها وتبلغ ما تصبو إليه من رغبات.
وأهم مظهر اجتماعي اقتصادي يتمثل في وضع ميزانية للدخل المالي للأسرة وتحديد طريقة التصرف في هذا الدخل على الوجه المعتدل دون تبذير أو إسراف، بإعطاء كل بند من بنود الإنفاق حقه المناسب.
ولذا، ينبغي التخلص من القيم الاستهلاكية السيئة الضارة؛ حتى لا يتسبّب الاستهلاك الترفي مثلاً في وجود الفقر وسط الرخاء، إذ باستمراره قد تضيع موارد الأسرة ويفقد معها التوازن النفسي والاجتماعي.
كذا ينبغي أن نكبح انفعالاتنا العاطفية المتعلقة بالكميات المطلوب شراؤها واستهلاكها، سواء على مستوى الأطفال أو الأسرة.
ومن الضروري أن تقوم وسائل الإعلام بدور مهم في مجال تنمية الوعي الاقتصادي والاجتماعي لدى أفراد المجتمع.
ولقد قيل: إنّنا لو جمعنا كل ما ينفق على الأمور الزائدة والتافهة في صندوق موحّد ثم أنفق هذا على إزالة أسباب المأساة من حياة الكثيرين، لصلحت الأرض وطاب العيش فيها.